فرق في صحة الإيلاء بين الحُرِّ والرقيق، ولا بين الحُرَّة والرقيقة، ولا بيْن الزوجين المسلمَيْن والكافرين، ولا ينحل الإيلاء بإسلام الكافر خِلاَفاً لمالك، وإذا ترافع إلينا الزوجان الذميان، وقد آلى الزوج، فإن أوجبنا على حاكِمِنا الحُكْم بينهم، حَكَمَ كما يَحْكُم في المسلمين، وإن لم نُوجَبْ لم يَجْبرِ الحاكم الزوج على الفيئة ولا الطلاق، ولا تطلق عليه بل لا بد من رضاه؛ لأن الحكم على هذا القول إنَّمَا يجوز برضاهما، فإذا لم يرضيا ردَدْناها إلى حاكمهم.
ويصح إيلاء المريض كإيلاء الصحيح، وكذا إيلاء الخصيِّ والمجبوب بعْضُ ذكره، إذا بقي قَدْر الحشفة؛ لأنه قادرٌ على الجماع، ويصح إيلاء العرَبِيِّ بالعجمية، وبالعكس، إذا كان يعرف معنى اللفظ، والحكْمُ فيه على ما بينَّا في الطلاق.
وقوله في الكتاب "أو مجبوبُ بعْضِ الذَّكَر" محمول على ما إذا كان قدْر الحشفة باقيًا، وان كان اللفظ مطلقاً.
وقوله "فالصحيح أنه لا يصح إيلاؤُه" أي من الطريقين، واتبع الإمام في اختيار هذا الطريق، والظاهر عند الأصحاب طريقةُ القولَيْن، وقوله "لا يصح إيلاؤه" مُعْلَم بالحاء، فان أبا حنيفة يصحِّحه، وقوله فيما "إن آلى ثُمَّ جُبَّ، انْقَطَعَ الإيلاءُ، وقيل يَطْردِ القَوْلَين" يعبر عن الطريقة الأولى، والثالثة من الطُّرُق التي حكَيْنَاها في هذه الصورة وإيراده يُشْعِر بترجيح طريقة البطلان على موافقة الإِمام؛ والظاهرُ إثباتُ القولين، ثم الظاهر فيه أنه لا يَنْقَطِع الإيلاء، وهو الذي أورده جماعةٌ من الأصحاب منْهم صاحب "التهذيب"، وقوله "وقيل: يطرد القولين" إنما كان يحسن موقعه أن لو كان المذكور قبله الطريقة القاطعة بعَدَم الانقطاع؛ تنبيهاً على أن هذه الصورة أَوْلَى ببقاء الإيلاء من الصورة السابقة بالصحة؛ لقوة الدوام وتحقق قصد الإيلاء، في الابتداء، ثم يقول:"وقيل بطرد القولين" أي مع هذا التفاوت (١)، فأما إذا كان المذكور في هذه الصورة الطريقتين المذكورتين في الأولى بعينهما، فالأَحْسَن أن يُقَالَ: ولو آلَى، ثم جُبَّ جرى الطريقان، وقوله "لم يكن مُولِيًا" معلمٌ بالواو.