للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحلف عن الوطء في المدَّة المذكورة، ثم في الفصل مسألتان.

إحداهما: إذا حلف ألاَّ يجامعها أربعة أشهر فما دونها، ثم أعاد اليمين بعْد مضيِّ تلْك المدة مرَّة أخرى، وهكذا فعَل مراراً، فلا يكون مُولِياً؛ لأن هذه الأيمان ليس في واحدة منها ما يتضمَّن الإيذاء، والإضرار بها في المدة المذكورة، ولو وصَل اليمين باليمين، فقال: والله، لا أجامعك أربعة أشهر أو ثلاثة [أو سنة] (١) [فإذا مضيت، فوالله، لا أجامعك أربعة أشهر أو ثلاثة أو سنة]، وهكذا مراراً، فهل يصير موليًا؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنه لو وطئها يحنث، وذلك يمنعه من الوطء، ويوجب قطْع الطمع، وحصول الضرر.

وأصحهما، وهو المذْكُور في الكتاب: أنه لا يكون مُولِياً؛ لأن بعْد مضيِّ أربعة أشهر، لا يمكن المطالبة بموجب (٢) اليمين الأولى؛ لانحلالها ولا بموجب الثانية, لأنه لم تمض المهلة من وقْت انعقادها، وأيضًا فكل يمين تُعْطَى حكم نفسها, لو انفردت، وشبه ذلك بما إذا اشْتَرَى أَوْسُقًا كبيرةً في صفقات متعدِّدة على صورة العرايا، يجوز، وإن كان لا يجوز شراؤها في صفقة واحدة، ولا تُجْعَل الصفقات المتعدِّدة كالصفقة المتحدة، قال الإِمام -رحمه الله- وهل يأثم المُولِي بين الأيمان كما ذكَرْنا فيما إذا زادَتْ مدة الإيلاء على أربعة أشهر بلحظة لطيفة، يحتمل أن يقال: لا يَأثم؛ لأنه لا إيلاء، ويحتمل أن يقال: يأثم ولكن إثْمَ الإيذاء والإضرار، لا إثْمَ المولين (٣).

الثانية: إذا قال: والله، لا أجامعك خمسة أشهر، فإذا انقضت، فوالله، لا أجامعك سنة، فقد أتى بيمينين كلُّ واحدة منهما يشتمل على مدة الإيلاء، فلها المطالَبَة بعْد مضيِّ أربعة أشهر بموجب اليمين الأولى، فإن أخَّرت المطالبة حتى مضَى الشهر الخامس، فلا مطالبة لموجب تلك اليمين؛ لانحلالها، وإن طالَبَتْه في الخامس، ففاء إليها، خَرَج عن موجب الإيلاء الأول، فإذا مضى الشهر الخامس، استحقت مدة الإيلاء الثاني، وإن طلَّق، سقَطت عنْه المطالبة في الحال، ثم إن راجَعَها في الشهر الخامس، لم تضرب المدة في الحال؛ لأن الباقي من مدَّة اليمين الأولى قليلٌ، فإذا انقضى الخامِسُ، ضُربت المدة للإيلاء الثاني ولو وطئها بعْد الرجعة في باقي الشهْر، انحلت اليمين، والظاهِر لزوم الكفارة، وإن قلنا: إن المُولِي إذا فاء، لا يلزمه


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: بوجوب.
(٣) قال النووي: الراجح تأثيمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>