للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفارة؛ لأن ذلك الخلاف في الوطء الَّذي تحصَّل به الفيئة التي هو مطالب بها، وهاهنا، قد خَرَج بالطلاق عن موجب الإيلاء، وسَقَطت عنْه المطالبة، وإن راجَعَها بعْد الشهر الخامس، نُظِر؛ إن راجع بعْد سنة من انقضاء الشهر الخامس، فلا إيلاء؛ لانقضاء المدتين، وانحلال اليمينين، وإن راجَع قَبْل تمام السنة، فإن بقي منْها أربعة أشهر، أو أقَلُّ فلا إيلاء، وإن بقي أكثر منها عاد الإيلاء، وضُرِبَت المدة في الحال، ولو جدَّد نكاحها بعد البينونة، ففي عَوْد الإيلاء حيْث يعود الإيلاء، لو راجَعَها، الخِلاف المَذْكور في عود الحنث، وتبقى اليمين ما بَقِيَ شيْء من المدَّة، وإن لم يعد الإيلاء حتَّى لو راجع، وقد بقي من السّنة أقلُّ من أربعة أشهر، فوطئها في تلْك الباقية، يلزمه الكفارة، ولو عقَد اليمين على مدتين تدخل إحداهما في الأخرى، كما إذا قال: والله، لا أجامعك خمسة أشهر، [ثم قال والله لا أجامعك سنة فإذا مضت أربعة أشهر] فَلهَا المطالبة، فإن فاء انْحلَّت اليمينان، وإذا أوْجَبْنا الكفارة، فالواجب كفارة واحدة أو كفارتان؟ فيه خلاف يجري في كل يمينين يحنث الحالف فيهما بفِعْل واحدٍ، كما إذا حَلَف أن لا يأكل الخبز، وحَلَف أن لا يأْكُل طعام زيد، فأكل خبزه، وسيأتي ذلك، وإن طَلَّقها، ثمَّ راجَعَها أو جدَّد نكَاحَها، فإن بقي من السنة أربعة أشهر أو أقل، لم يَعُد الإيلاء، وتبقى اليمين، وإن بقي أكثر من أربعة أشهر يعود الإيلاء في الرجعية، وفي التجديد الخلاف في عود الحنث، هذا ظاهر المَذْهَب وفي "التتمة" أن السنة تحسب بعْد انقضاء الأشهر الخمسة؛ فيكون الحُكْم كما في الصورة السابقة، ولو قال: إذا مَضَتْ خمسة أشهر، فوالله، لا أجَامِعُك، فيَكُونُ مُولِياً بعْد انقضاء الخمسة، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: لاَ أَطَؤُكَ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَوْ يَخْرُجَ الدَّجَّالُ أَوْ يَقْدمَ فُلاَنٌ وَهُوَ عَلَى مَسَافَةٍ يَعْلَمُ تَأَخُّرَ قُدُومِهِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ* وَلَوْ قَالَ: حَتَّى يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَمَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَكُنْ لَهَا المُطَالَبَةُ لأَنَّهُ يُنْتَظَرُ دُخُولُهُ كُلَّ سَاعَةٍ* وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُطَالَبُ* وَلَوْ قَالَ: إِلَى أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي فَهُوَ مُولٍ* وَلَوْ قَالَ: إِلَى أَنْ يَمُوتَ زيْدٌ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ* وَقِيلَ: إِنَّهُ كَالتَّعْلِيقِ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني: تقييد الامتناع عن الوطء بأمر مستقبل لا يتعيَّن، فينظر إن كان المعلَّق به أمراً يُسْتَبْعَد في الاعتقادات حُصُوله في أربعة أشهر، وإن كان محتملاً، كما لو قال: حتى يَنْزل عيسَى -عليه السلام- أو حتَّى يخرج الدَّجَّال أو يأجوج ومأجوج، أو تَطلُع الشمس من المغرب، أو أمرًا يُعْلَم تأخُّره عن أربعة أشهر، كما لو

<<  <  ج: ص:  >  >>