للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حتى يَقْدَمَ فلان أو حتى آتِيَ مكَّة، والمسافة بعيدة لا تُقطع في أربعة أشهر، فهو مُولٍ، وإذا حصل الإيلاء في مثْل هذه الصورة، فلو علَّقه بما لا يتَكَوَّن ويُعَد من المستحيلات؛ مثْل أن يقول حتَّى تَطِيري أو تَصْعَدي السماء، فهو أولى [لحصول] (١) الإيلاء، فلو قال في مسألة القدوم: ظننت أنَّه على مسافة قريبةٍ، فهل يُصدَّق بيمينه ذكر الإِمام فيه احتمالين، والأقرب: القَبُول، وفي الشرح "مختصر الجويني" للموفَّق ابن ظاهر: أن في التعليق بنُزول عيسى -عليه السلام- وما في معناه لا يُقْطَع بكونه مُولِياً في الحال، ولكن يترقب فإذا مضت أربعة أشهر، ولم يُوجَد المعلَّق به، بيّنا أنه كان مُولِياً، ومكَّنَّا الزوجة من المطالبة، والمشهور الأول، وإن كان المعلَّق به مما يتحقَّق وجوده قبْل أربعة أشهر، كذبول البقل، وجفاف الثوب، وتمام الشهر أو يغلب على الظنِّ وجود كمجيء المَطَرِ في وقْت غلبة الأمطار، ومجيء زَيْد من القرية، وعادَتُه الحضور في الجمعات، أو قدوم القافلة، والغَالِبُ تردُّدها في كلِّ شهر، فلا يتعلَّق به إيلاء، وإنما هو يمين، وإن كان المعلَّق به مما لا يستبعد حصوله في أربعة أشهر، ولا يتحقَّق، ولا يظن حصوله، كما لو قال: حتى يدْخُل فلان الدار أو أخرجك من البلد أو أمرض أو يمرض فُلاَنٌ أو يَقْدم، وهو على مسافة قريبة، وقد يَقْدُم، وقد لا يَقْدَم، فلا يحكم بكونه مُولِياً في الحال، فإن مضَتْ أربعة أشهر، ولم يوجد المعلَّق به، ففيه وجْهان:

أحدهما: أنه يُحْكم بكونه مُولِياً ويثبت (٢) لها المطالبة؛ لحصول الضرر، وأيضاً فقد تبيَّن إمداد مدة اليمين أكثر من أربعة أشْهر.

وأظهرهما، وبه قال المزنيُّ -رحمه الله- المنعُ: لأنه لم يتحقَّق قصْد المُضارَّة في الابتداءِ وإحكامُ الإيلاء مَنُوطَة به، لا بمجرَّد الضرر بالامتناع عن الوطء، ألا ترى أنه لو امتنع من غَيْر يمين، لا يكون مُولياً، ولا خلاف في وجُوب الكفارة لو وَطئ قبل وجُود المعلَّق به [ولا في ارتفاع اليمين؛ لوجود المعلّق به] (٣) قبْل الوطء.

ولو قال: لا أجامعك حتَّى أموت أو تموتي أو قال: عمري وعمرك، فهو مُولٍ، لحصول اليأس مدة العمْر، وهو كما لو قال: لا أجامِعُك أبداً؛ فإنَّ أبَدَ كُلِّ إنسان عُمْره، ولو قال: حتى يموت فلان، فوجهان:

أحدهما: أن الجواب كذلك؛ لأن الموت كالمستبعد في الاعتقادات، فيلحق بالتعليق بنزول عيسى -عليه السلام- وخُروج الدجال.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: وبكون.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>