للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه كالتعليق بالمَرَض ودخول الدار، ولَفْظُ الكتاب يُشْعِر بترجيح هذا الوجْه، وحكاه القاضي ابن كج عن اختيار أبي الحُسَيْن بن القطان؛ والأكثرون على ترجيح الأول؛ وقالوا: الموت يُسْتَبْعَد في الاعتقادات، والتعليقُ به بعيد يبعد، بخلاف المرض ودخول الدار، ولو قال: لا أجامعك حتَّى تفطمي ولدَكِ، نقل المزنيُّ عن الشَّافعي -رضي الله عنه- أنه يكون مُولِياً، قال: وقال في موضوع آخر: لا يَكُونُ مُولِياً، واختاره فأوهم أن المسألة على قولَيْن، وبه قال ابْنِ القطَّان.

والجمهور، قالوا: لا خِلاَف في المسألة، ولكن يُنْظَر، إن أراد وقْت الفِطَام، فإن بقي أكثر من أربعة أشهر إلى تمام الحولَيْن، فهو مولٍ، وإلاَّ فليس بمولٍ، وإن أراد، فعل الفطام، فإن كان الصبيُّ لا يحتمله إلا بعْد أربعة أشهر؛ لصِغَر أو ضَعْفِ بنيته، فهو مولٍ، وإن كان يحتمله لأربعة أشهر فما دونها، فَهُو كالتعليق بدخول الدار وما في معناه، والنص الأول محمُولٌ على الحالة الَّتي هي مول، والثاني على الحالة الَّتي هي غير مولٍ.

ولو قال: حتى تَحْبَلِي، فإن كانت صغيرةً أو آية، فهو مولٍ، وإلا فهو كالتعليق بالقُدُوم من مسافة قريبة ودخول الدار.

وإذا علَّق بالقدوم أو الفطام، ولم يحكم بكونه مُولِياً، فلو مات المعلَّق بقدومه قبل القدوم، أو الصبي قَبْل الفطام، فهو كما لو قال: حتى يشاء فلانٌ، فمات قبل المشيئة، وقد قدَّمناه. والله أعلم.

فَرْعٌ: لو قال: والله، لا أجامعك، ثم قال: أردتُّ شهراً أو شهرين دِينَ ولم يُقْبل ظاهرًا (١)؛ لأن المفهوم منْه التأبيد، بخلاف ما إذا قال: لَيَطُولَنَّ تَرْكي لجماعك، ثم فسر بشَهْر وشهرين، حيْث يُقْبَل؛ لوقوع اسم التطويل علَيْه والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الرَّابعُ في الْمَحلُوف عَلَيْهِ) وَهوَ الجِمَاعُ* وَلَفْظُهُ الصَّريِحُ الَّذِي لاَ يَدِينُ مُتَأوِّلُهُ تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ فِي الفَرْجِ وَإيلاَجُ الذَّكَرِ وَالنَّيْكُ* أَمَّا الجِمَاع وَالوَطْءُ فَيَدِينُ فِيهِ النَّاوِي وَلاَ يُقْبَلُ ظَاهراً* وَأَمَّا المُبَاضَعَةُ وَالمُلاَمَسَة وَالمُبَاشَرَةُ فَقَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَالجِمَاعِ* وَالآخَرُ أنَّهُ كِنَايَةٌ كَقَوْلهِ: لاَ يَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَكِ وِسَادَةٌ* وَقَوْلِهِ: لأَبْعُدَنَّ عَنْكِ* وَالإِصَابَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ المُبَاشَرَةِ* وَالقُرْبَانُ وَالغَشَيَانُ وَالإِتْيَانُ بِالكِنَايةِ أَشْبَهُ* وَقِيلَ: هِيَ كَالمُبَاشَرَةِ وَالمُبَاضَعَةِ وَلَوْ قَالَ: لاَ أُجَامِعُكِ في الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَفِي الدُّبُرِ فَهُوَ مُحْسِنٌ وَلَيْسَ بِمُولٍ أَصْلاً.


(١) في أ: في الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>