للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ّقَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسائل:

إحداها: إذا ظاهر ثُمَّ طلَّق المظاهَرُ منها طلاقًا رجعيًّا، عقبه ثم راجَعَها، فلا خلاف في أنه يعود الظهار وأحكامه، ولو طلَّقها طلاقًا بائنًا أو رجعيًّا، وتركها حتَّى بانَتْ ثم جدَّد نكاحها، ففي عَوْد الظهار الخلافُ في عود اليمين، ويجري الخلاف فيما إذا كانَتِ الزَّوْجة رقيقةً، فاشتراها وأعتقها أو باعها ثم نكحها، وعَوْد النكاح بَعْد الانفساخ بالملْك كعَوْده بعْد البينونة بالثلاث، أو كعَوْده بَعْد البينونة بما دُون الثَّلاث، فيه طريقان، قد سَبَقَ نظيرهما.

ولو ارتد الزوْج عَقِب الظِّهار بعْد الدخول، ثم عاد إلى الإِسلام في مدَّة العِدَّة، فلا خلاف في عَوْد الظهار وأحكامه؛ لأنَّه تبيَّن دوام النكاح، إذا عُرف ذلك، فهل الرَّجعة وتجديدُ النكاح والإِسلام بَعْد الردة نَفْسها عودًا أم لا، وإنما يكون عائدًا إذا أمسكها بَعْد هذه الأمور؟ فيه خلاف، وفي كيفيته طريقان:

أشهرهما: أن في صورة الرجعة قولَيْن:

أصحُّهما، ويُحْكى عن نصه -رضي الله عنه- في الأم أن نَفْس الرجعة عَوْد؛ لأن العود هو الإمساك، والرجعة إمساكٌ، ولأن الرجعة استحداث حل، وذلك أبْلَغ في مخالفة الوَصْف بالتحريم مِنَ الإمْسَاك على حُكْم الحل السابق.

والثاني: ويُحْكَى عن نصه -رضي الله عنه- في "الإملاء" أنَّه لا يكون عائدًا بنَفْس الرجعة، وإنما يصير عائدًا إذا أمْسَكَها بعْد الرجعة قَدْرَ مَا يتأتى فيه (١) المفارقة؛ لأن الرجْعَة رد [إلى] (٢) النكاح، وإنما تَحْصُل المخالفة بالإمساك في النكاح، ويجري الخِلاَف فيما إذا ظاهر عن الرجْعيَّة، ثم راجَعَها، ولا يكون عائدًا قبل الرجْعة بحال؛ لأنها جارية إلى البينونة، وهذا كما أنه يصحُّ الإيلاء عن الرجعيَّة ولا تضرب المدة في الحال (٣)، وفي صورة تجْديد النكاح المجدَّد خلافٌ، والفرق أن الرجْعة إمساك في ذلك النكاح، والتجديد بخلافه، والإِسلام بعْد الردة كالنكاح المجدَّد، وأَوْلَى بأن لا يكون عائدًا، والطريق الثاني: حكى القاضي أبو الطَّيَّب جماعة، منهم صاحب الكتاب: أن النص في الرجْعة أنَّها عَوْد، [و] في الإِسلام بعد الردة أنه ليس بعود، فمِنَ الأئمة من جعلها على وجهَيْن أو قولَيْن بالنقل والتخريج، ومنهم من اقتصر في كلِّ صورة على النص فيها، والفَرْق أن مقصود الرجعة استباحة البُضْع، وهي تخالف الوصف بالتحريم الذي هو مضمون الظِّهار، ومقصود الإِسلام تَبْدِيل الدِّين الباطل بالحق، والحِلُّ والحُرمة


(١) في أ: منه.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>