للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تبديل الدِّين يقعان تابعَيْن وأحرى في تجديد النكاح مثْل هذا التصرُّف، لكن الذي حكاه صاحِبُ الكِتَاب وغَيْره عن النَّصِّ أن التجديد ليس بِعَوْد كالإِسلام، وفرق على هذا بأن النكاح يُقْصَد به تجديد الملك، والرجعة لا معْنَى لها إلا إمساك الزوْجَة، وحكى أبو الفرج الزاز عن النَّصِّ أن التجديد عَوْد كالرجعة، وكيفما قُدِّر الخلاف، فالظاهر أن نَفْس الرجعة عَوْد، وهو الذي أورده في الكتاب هاهنا فيما إذا طلَّقها طلقةً رجعيةً، وراجَعَها، وفي أول الباب فيما إذا ظاهر [عن] (١) الرجعية.

وإذا ارتدَّ أحد الزوجين عَقِيب الظِّهَار [و] كان ذلك قبل الدخول، فلا عَوْد؛ لانقطاع النِّكَاح، وكذا لو كان بعْد الدُّخول، وأصر المرتد إلى انقضاء العدة، ولو ظاهر الكافر عن امرأته (٢) ثم أسْلَمَا في الحال معًا، أو أسلم الزوج وهي كتابيَّةٌ، فالنكاح دائمٌ؛ ولا أثر لمَا جرى في مَنْع العود، وإن أسلم وهي وثنيةً أو أسْلَمَت المرأة، وتخلَّف الزوج، وهو كتابيٌّ أو وثنيٌّ، نُظِر؛ إن كان ذلك قبْل الدخول، فلا عود؛ لارتفاع النكاح، وإن كان بعْده، فكذلك لا عَوْد في الحال؛ لأنها جارية في البينونة، ثم إن لم يُسْلِم المتخلِّف إلى انقضاء مدة العدة، بَانَ حصول الفراق مِنْ وقت إسلام أسبقهما إسلامًا، ولا عَوْد، فإن نَكَحها بَعْد ذلك، ففي عَوْد الظهار الخِلاَفُ في عود اليمين، وإن أسلم المتخلِّف [في مدة العدة، دام النكاح، ثم إن كان الزَّوْج هو المتخلِّف،] (٣) فنَفْس الإِسلام منْه عَوْدٌ، أو إنما يكون عائدًا إذا أمسكها بعْد الإسْلام، وفيه الخلاف السَّابق، وإن كانَتْ هي المتخلفة، فنَفْس إسلامها لا يكون عودًا منْه بحال؛ لأنه لا يتعلَّق باختياره.

نعم، إذا مَضَى زمان إمكان المفارقة بعْد إسلامها، ولم يفارقْها فيَكُون عائدًا، وذلك بعد أن يعْلَم إسلامها.

فرْعٌ: لو جُنَّ عقيب الظهار، ثم أفاق بعْد ذلك، ذكر الشيخ أبو عليٍّ أن بَعْض الأصحاب جَعَل كون الإفاقة في نَفْسها عودًا على الخلاف المذكور في الرجْعَة، وهذا ظاهر الفساد.

الثانية: قد سَبَق أن تعْلِيق الظِّهار صحيحٌ، فلو علَّقه، ووجد المعلَّق عليه، وأمسكها جاهلاً، نُظِرَ؛ إن علَّق على فعْل غيره، فلا يكون عائدًا حتى يَعْلَم، ويمسكها بعد العلم، وإن علَّق على فعْل نفْسه، ونَسِيَ الظهار، فالمشهور أنه يكون عائدًا؛ لأنه بسبيل من أن يَتذكَّر تصَرُّفه؛ فلا يعذر في نسيان الظهار، ورأى صاحب "التهذيب" وغيره تخْريج المسألة في الطرفَيْن على حِنْث الناسي والجاهل، وهذا أحسن، وهو الذي أورده صاحب "التتمة" -رحمه الله-.


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: أمته.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>