للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= غيره، فاشتراطه في الإطعام قَولٌ بلا دليل.
وذهب الإِمام مالك إلى اشتراط الإطعام قبل التماس، ووجهته في ذلك أن الله -تعالى- عطف الإطعام على الصيام، والتحرير المقيدين بالقيد المذكور، وذلك مشعر بمشاركته لها في قيدهما؛ لأن العطف يقتضي الشريك، وكونه لم يذكر صراحة لا يدل على عدم اشتراطه؛ لأن المحذوف لقرنية تدل عليه يعتبر كأنه مذكور.
وبالنظر في وجهة كل نجد أن قول الجمهور هو الراجح؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لو أراد جعله شرطاً في الإطعام لصرح به فيه كما صرح به في غيره، ولو كان الحذف لقرنية كافيًا هاهنا لحذف من النوع الثاني كذلك اكتفاء به في النوع الأول، فذكره سبحانه لهذا القيد في النوعين الأولين بخصوصهما شعر بعدم اشتراطه في غيرهما؛ ولأن الشأن في الإطعام، أن يكون دفعة واحدة.
مقدار ما يعطاه المسكين الواحد من هؤلاء الستين:
اختلف الفقهاء في مقدار ما يأخذه المسكين الواحد من الطعام.
فمنهم من قال: يعطى مُدًّا من أي نَوع كان بُرًّا، أو شعيراً، أو تمراً، أو زبيبًا كالشفعي، ومالك.
ومنهم من قال: يعطى مُدًّا من البُرِّ، ومدَّين من غيره كالحنابلة.
ومنهم من قال: يعطى مدَّين من البر، وأربعة أمداد من غيره كالحنفية.
ومنهم من قال: إن ذلك موكول إلى الْعُرْفِ، والسبب في هذا الاختلاف أن الآية لم تبين مقدار ما يعطاه كل مسكين، والسنة مختلفة في ذلك، فأخذ كُلّ إمام بما ثبت عنده، وترك غيره.
وقد ذكرنا ذلك مفصلاً في كفارة اليمين، وبالجملة فإن الكلام على الإطعام هاهنا لا يختلف عن الكلام عليه في كفارة اليمين إلا في عدد المساكين، فإنهم في اليمين عشرة، وفي الظِّهَارِ سِتُّونَ بِالنَّصِّ في الآيتين.
واتفقت كلمة الفقهاء على اعتبار البلوغ والعقل شرطين في وجوب الكفاوة على المظاهر لأن سببي يعتمد القول وعبارة الصبي والمجنون لغو فلا تكون موجبة لها.
ولكنهم اختلفوا في أمور منها:
كون المظاهر مسلماً.
ذهبت الحنفية والمالكية إلى أن الإِسلام شرط في إيجاب الكفارة على المظاهر.
ووجهتهم في ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآية فلفظ منكم خاص بالمسلمين فلا يصح الظهار من الكافر.
ولأن الكفارة عباده تفتقر إلى النية وهو ليس من أهلها.
وذهبت الشافعية والحنابلة إلى أن الإسلام ليس شرطاً في إيجاب الكفارة على المظاهر. ووجهتهم في ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الآيات فإن اسم الموصول من صيغ العموم يتناول المسلم والكافر ولأنه قول يختص به النكاح، فيصح من كل زوج مكلف كالطلاق، وقد تقدم الكلام على هذا الشرط في كفارة اليمين وما هو الراجح في ذلك من أن هذا يعتبر القول وهو من أهله، ولأن الكفارة زاجرة في حقه كون الظاهر منها زوجة:
ذهبت الحنفية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط كون المظاهر منها زوجة فلا يصح من الأمة، ولا =

<<  <  ج: ص:  >  >>