المُقَيَّد، وشبهوه بقوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة: ٢٨٢] فإنه محمول على المُقَيَّد في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] ويجوز إعتاق الصغير, إذا كان أحد أبويه مسلمًا أصليًا أو أسْلَمَ قبْل انعقاده، ولا يجوز إذا كان أبواه كافرَيْن؛ لأنه محكوم بكُفْره، ولو أسْلَمَ بنفسه، لا يصحِ على ما بيَّنَّا في "اللقيط" وحكَيْنا أن الإصطخري صحَّح إسْلام المميِّز، وأن بعْضَهم وقَفَه، وقال: إنْ بلَغَ، وثَبَتَ، بَانَ صحة إسلامه، وإلاَّ بَانَ فسادُهُ، فعَلَى ما ذكره الإصطخريُّ؛ يجوز إعتاقه عن الكفارة، إذا كان مملوكًا له، وعلى وجه الوَقْف، إن بلغ وثَبَت، ففي إجزائه وْجهان:
المَنْعُ لنقصان حاله في الدين؛ ولذلك لو أعْرَبَ بالكفر، لا يُجْعَل مرتدًا، ولو أسلم أحد أبويه، وهو صغيرٌ أو حمل في البطن، فنَحْكم بإسلامه على ما مَرَّ في "اللقيط"، ويجزئ إعتاقه عن الكفارة، إن كان عبْدًا إذا مات في الصِّغَر، وكذا إذا مات بَعْد البلوغ، وقَبْل مضيِّ مدَّة يُمْكن فيها الإعراب، وإن أعرب بالكُفْر بعْد البلوغ، فأصَحُّ القولين أنَّه مرتدٌّ، والثاني: أنه كافِرٌ أصليٌّ، وقد ذكرناهما هناك، وبيَّنَّا حُكْم الكفارة على القولَيْن، وفي التهذيب: أن القَوْلين فيما إذا كان إسْلام أحد الأبوين بعْد انفصال الولد، أما إذا أسْلم أحدُهما، وهُو جنين، ثم بَلَغ، وأعرب بالكفر، فقد حَكَى فيه طريقين:
أصحُّهما: أن الحكم كما لو أسلم بعد انفصال الولد.
والثاني: أنه كما لو أسلم قبل البُلُوغ، ونَقَلْنا هناك هذا التردد عن كلام الإِمام - رحمه الله-، على سبيل الاحتمال، وبهذا يُقَاس إعتاق من حُكِم بإسلامه بتبعيَّة السابي على ما بيناه في "اللقيط"، وفي "التهذيب": أنه لو سَبَى الصغير سابٍ، وسَبَى أبويه غيرُه، فإن كانا في عسكر واحد، لم يُحْكَم بإسلامه، بل هو تبع لأبويه، وإن كانا في عسكرين كان تبعاً (١) للسابي، وأنَّ حُكْمَ المجنون في تبعيَّة الوالدَيْن والدار، حُكْمُ الصبيّ، وإذا أفاق، وأعرب بالكفر، فهو مرتد أو كافر أصليٌّ؟ فيه الخلاف المذكور فيما إذا بَلَغ الصبي، وأعرب بالكفر وأنه هل يجب التلفُّظ بكلمة الإِسلام بعد البلوغ والإفاقة؟ إن قلنا: لو أعرب بالكفْر، جُعِل مرتدًا، فلا يجب؛ لأنه محكوم بإسلامه، وإن قلنا لا يجعل مرتدًّا، فيجب، حتى لو مات قبل الإعراب، مات كافراً، ثم هاهنا مسألتان:
إحداهما: يصح إسلام الكافر بجميع اللغات، ذكره صاحب "الشامل" وغيره، وينبغي أن يَعْرِف معنى الكلمة، فلو لُقِّنَ العجميُّ الكلمة بالعربية، فتلفَّظ بها، وهو لا يعرف معناها, لم يُحْكَم بإسلامه، وإذا وصف العبد الإسْلام بلُغَته، والسيد لا يعرف
(١) ذكره المصنف -رحمه الله- في زوائده في باب اللقيط.