للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: لا، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وحكا الموفَّق بن طَاهِرٍ عن ابن سُرَيْجٍ وابن خيران، ووُجَّه بأنه مأمور بإعتاق رقبة، ولا يقال، والحالة هذه: إنَّه أعتق رقبةً، وبأن وضْعَ الوظيفةِ الواحدةِ من الطَّعَام في شخصَيْن لا يَجُوز، [فكذلك وضْع العِتْق في شخصَيْن، وبأنه لا يجزئ] في الأضحية شِقْصَان، فكذلك هاهنا.

والثاني: نَعَم؛ تنزيلاً للأشقاص منزلة الأشخاص، ولذلك إذا شارك ذِمِّيًّا في ثمانين شاةً بالسوية، يلزمه ما يلزمه لو ملك أربعين شاةً، ولو ملك نصفاً من عبْدٍ ونصفاً من آخر، يلزمه صاعٌ في الفِطْر، كما لو مَلَك عبداً.

وأظهرهما، على ما ذكر الموفَّق [بن طاهر] (١) وغيره: أنه يجزئه، إن كان باقي العَبْدَيْن حُرًّا وإلا فلا (٢) يَجُوز، والفَرْق أنه إذا كان الباقي حُرًّا، أفاد الإعتاقُ الاستقلالَ والتَّخْليص من الرِّقِّ، وهو المقصود من الإعتاق، ويَجْري الخلاف في ثلث أحدهما وثُلُثَي الآخر ونظائرهما, ولو كان عليه كَفَّارتان عن ظهارين أو عن ظهار وقتل، فأعتق (٣) عبْدَيْن عن كل واحدة منهما نِصْفًا من هذا، ونصفًا من هذا، فالحكاية عن نَصَّ الشَّافعيِّ -رضي الله عنه- أنه يجزئه، وذكر الإِمام وصاحب الكتاب -رحمهما الله- في "البسيط": أن منهم من أثْبَتَ خلافاً، والظاهر الإجزاء، وتخليص كلِّ واحدة من الرقبتين حاصلٌ في هذه الصورة، وحكى اختلاف في كيفية وقوع العتقين:

فأحد الوجهين، وُيرْوَى عن أبي إسحاق: أنه يعتق نصْفُ كلِّ واحدٍ منهما عن كفَّارة كما أوقعه.

والثاني، وُيرْوَى عن ابن سرَيْجِ وابن خيران: أنه يقع عبْدٌ عن هذه الكفَّارة، وعَبْدٌ عن هذه، ويلغو تَعَرُّضُه للنصف من هذا، والنصف من ذاك، وبَنَى بَانُونَ الخِلافَ في الصورة السابقة على هَذَا الاختلاف، فعَلَئ ما حكي عن أبي إسحاق؛ يجزئ إعتاقه (٤) النصفين، وعلى الثاني؛ لا يجزئ، ويجري الخلاف فيما لو أعتق رقَبةً واحدةً عن كفارتين، فعَلَى وجْه؛ يعتد به، وعليه إتمام كل واحدة من عَبْدٍ عن كفارة أو يعتق عن


(١) سقط في ز.
(٢) قال الأذرعي: اعلم أن المراد بقولهم لا يجزئ إعتاق المعسر النصفين عن الكفَّارة إذا كان الباقي رقيقاً أنا لا نكتفي بهذين النصفين لأن كل واحد منهما لا يقع عن جهة الكفَّارة، بل كل منهما يقع عنها وان لم يحصل إلا جزءهما حتى لو أيسر واشترى النصف الآخر أو ملكه بوجه آخر ثم أعتقه عنها أجزأه ذلك عن الكفَّارة، وقيل: لا تحتاج إلى تجديد إليه ثانياً، ولا فرق في عتق نصفي عبد في وقت أو وقتين، وهو صوابه ونص عليه في كتبه الجديدة والقديمة ولا فرق في جريان الوجوه الثلاثة في صورة الكتاب بين عتقهما دفعة أو على التعاقب. انتهى، وهو تنبيه حسن.
(٣) في أ: وأعتق.
(٤) في أ: إعتاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>