بالإِسلام، فغصب امرأة، ووطئها على ظن الحِلِّ، لا تبطل حصانته، ويشبه أن يجيْء فيه الخلاف المذكور في وطء الشبهة. ومقدِّماتُ الزنا كالقُبْلة واللمس وغيرهما لا تؤثِّر في الحصانة بحالٍ، وأبدى الشيخ أبو محمَّد -رحمه الله- فيه احتمالاً.
وقوله في الكتاب "على أحد الوجهين" يجوز إعلامه بالواو؛ لقطع من قطع في وطء الجارية المشتركة؛ بأنه لا يسقط الحصانة.
وقوله "من الشفْعويِّ" يشير إلى اعتبار اعتقاد التحريم، فأما الحنفيُّ، فإنه يعتقد الحِلَّ في النكاح بلا وليِّ، فلا يدل ذلك مِنْ حاله على قلَّة المبالاة والتجاسر على المحرَّمات، ويجوز أن يجري فيه الخلاف كما في شُرْب الحنفيِّ النبيذَ، وقوله "فلا يقسط" مُعْلَم بالواو.
أحدها: إذا قذف عفيفاً في الظاهر، فرنى المقذوف قبْل أن يُحَدَّ القاذف، سقَطَت حصانَتُه، وسقط الحدُّ عن القَاذِف وقال أحمد والمزنيُّ: لا يسقط، وعن صاحب "التلخيص" أنه قول قديم للشافعيِّ -رضي الله عنه-، ووجْهُه أن المَعْنَى الطارئ بعْد وجوب الحدِّ لا يمنع من إقامته، كما لو ارتد المقْذُوف أو نَقَصَت قيمة المَسْروق، والمَذْهَب الأوَّل، واحتج الأصحاب -رحمهم الله- له بأن الإحصان طريقه غلبة الظن، دون اليقين، وظهورُ الزِّنَا يورث الرِّيبَة، ويخدش وجْه الظَّن، فأشبه ما إذا شَهِد شاهدان، ظاهرهما العدالةُ، ثم ظهر فسْقُهما قبل الحكم، ولو ارتد المقذوف قَبْل أن يُحَدَّ القاذف، لم تؤثر ردته في سقوط الحد، وقال أبو حنيقة: تؤثر فيه كالزنا الطارئ، وعن القاضي أبي الطيِّب تخريجُ وجْه مثله، وحكاه القاضي ابن كج عن ابن أبي هريرة، وفرقوا على ظاهر المَذْهب من وجوه:
أحدها: أن الزنا يُكْتم ما أَمْكَن، وإذا ظَهَر، فالغالب سبق مثله؛ لأن الله تعالى كريمٌ؛ لا يَهْتك الستر أول مرة على ما قاله عمر -رضي الله عنه- لِزَانٍ قُدِّم ليقام عليه الحدُّ وادَّعَى أنه أول ما ابتلى به، والردَّة عقيدةٌ والعقائد لا تَخْفَى في الغالب، فإظْهَارها لا يدل على سَبْق الإخفاء.