للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الإفاقة، انتفى حينئذ، ومنْهُم مَنْ جعلهما قولَيْنِ. وقال: المراد صورةُ المَمْسوح، ويُمْكن الحَمْل على مقطوع الخِصْيَتَيْنِ السَّلِيمِ الذَّكَر، فقد ذكرنا الخِلاَف فيه.

ولا أثر لِجَبِّ بعْض الذَّكَر إذا كان الباقي قَدْر الحَشَفَة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِيَةُ): اللِّعَانُ عَنِ الحَمْلِ جَائِزٌ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَنَّهُ جَائِزٌ بِمْجَرَّدِ عْرَضِ القَطْعِ دُونَ الوَلَدِ* وَبَعْدَ البَيْنُونَةِ فِيهِ قَوْلاَنِ مَأَخَذُهُمَا أَنَّ اليَقِينَ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلِّعَانِ أَمْ يَجْوزُ بِالظَّنِّ لِخَطَر المَوْتِ؟

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذكَرْنا فيما إذا أبان زوْجَتَه ثم قَذَفها، وهناك حَمْل، فأراد أن يلاعن؛ لنَفْيه، طريقَيْن: في أنه هل يُمَكَّن من اللِّعَان؟ أصحُّهما: أن فيه قولَيْن:

أظهرهما: أنَّ له ذلك.

والثاني: القَطْع بالمنع، ولْيُعْلَم؛ للطريقة الثانية قوله "وإن كان بعد البينونة، ففيه قولان" بالواو، وأما إذا لاَعَنَ النفي الحمْل في صلْب النكاح، فقد نُقِل فيه طريقان:

أحدهما: طَرْد القولين؛ بناء على أن الحَمْل هل يُعْرف؟ وأصحهما: القَطْع بجوازه؛ لأن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- (١) لاعن بيْن هلال بن أمية وزوْجته وكانت حاملاً، ونفى هلال الحَمْل؛ ولأن اللِّعَان في صُلْب النكاح جائزٌ، وإن لم يكن له ولدٌ؛ لسائر الأغراض (٢) والفوائد المتعلِّقة به؛ فَلأَنْ يجُوزَ عنْد توَقُّع الولد بظُهُور مخايل الحَمْل، كان أوْلَى، وعن أبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله-: أنه لا يجوز اللِّعَان؟ لنفي الحَمْل، ثم في مذهب أبي حنيفة: أنه إذا كان قَدْ صَرَّح بالقذف، ولاَعَن عن الحَمْل، رُتِّبَ عليه حكْمُه إلا أنَّ الولَد يلْزمه، ولا يُمكن نفيه بعْد الانفصال؛ لأنها تَضَع الحَمْل بعد البينونة، ولا لعان عنْده بعْد البينونة.

وقوله في الكتاب: "لأنه جائِزٌ بمجرَّد غرض القطع دون الولد" يعني غرض قَطْع النكاح، وفي جواز اللعان لمجرَّد قطع النكاح خلافٌ قد مَرَّ، والظاهر منْعُه، فلْيُحْمَل ما ذَكَره على عرضُ القَطْع. وسائر ثمرات اللعان في صُلْب النكاح، ولفظ التجريد يرجع (٣) إلى التجريد عن نَفْي الولد.

وقوله "مأخذهما أن اليقين هل يشترط" إلى آخره معناه أنه يُوجَّه أحد القولَيْن بأن


(١) متفق عليه من حديث ابن عباس، وليس بصريح بل يؤخذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم بين، فجاءت بولد يشبه الذي رميت به، وفي الصحيحين عن سهل بن سعد في قصة عويمر العجلاني وكانت حاملاً، لكن تبين للبخاري أنه من قول الزهري.
(٢) في أ: الأعراض والصوائم.
(٣) في أ: يصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>