للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعتد بثلاثة أشهر، ولا يُحْسَب ما مضى شهراً، وهذا أقرب إلى ظاهر (١) النصِّ، وقد تَبيَّن الخلاف على ما مَضَى أن القرء طُهْر محتَوَش بين دمَيْن أو هو مجرَّد الانتقال، هذا حكم الصغيرة والآيسة الحرتين، أما إذا كانت الأمة صغيرةً أو آيسة فبم تعتد؟، فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها تعتدُّ بشَهْرَيْن؛ لأن الشُّهور بَدَلٌ عن الأقراء، والأمة تعتد بقرءين، إن كانت من ذوات الأقراء، فإذا لم تكُنْ تعْتَدُّ بشهرين.

والثاني: تعتدُّ بشَهُّر ونصف، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن الأصْلَ فيما ينقص بالرِّقّ من الأعداد النِّصْف، والشهر قابل للتنصيف، بخلاف الأقراء، و [صار] كما أنها تعتد عن الوفاة بشهْرَيْنِ وخَمْس ليالٍ.

والثالث: أنَّهَا تعتدُّ بثلاثة أشْهُر؛ لأنَّ الماءَ لا يَظْهر أَثَره في الرَّحِم إلا بَعْد هذه المدة؛ إذِ الولد يَتَخَلَّق في ثمانين يوماً، ثم يتبيَّن الحمل بعْد ذلك، وما يتعلَّق بالطبع لا يختلف بالرِّقِّ والحرية، وهذا القول الثالث؛ يخرج من أحد قولَيْه في المستولدة، إذا أعتقت أنها تعتدُّ بثلاثة أشهر، وفيها قول آخر: أنها تعتد بشهر بدلاً عن قرء، وهو كقول الشهرين هاهنا، ولا مجال للشَّهْر والنصف، وعن أحمد ثلاث رواياتٍ؛ كالأقوال، وذكر المحامليُّ -رحمه الله- أن الصَّحيح من الأقوال: أنها تعتد بثلاثة أشْهُر، واختاره الرُّويانيُّ؛ للاحتياط، وقال: إن القياس وظاهر المذهب: الشَّهْر والنَّصْف، وعليه جمهور أهل خراسان من أصحابنا، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (فَرْعٌ) الَّتِي تَبَاعَدَتْ حَيْضَتُهَا بِرِضَاعٍ أَوْ عِلَّةٍ فَعَلَيْهَا انْتِظَارُ الحَيْضِ وَلاَ تَعْتَدُّ بِالأَشْهُرِ* وَالَّتِي لَمْ تَحِضْ أَصْلاً وَإِنْ كَبِرَتْ فَتَعْتَدُّ بِالأَشْهُرِ* وَإِنْ كَانَ الانْقِطَاعُ بَعْدَ الحَيْضِ بغَيْرِ عِلَّة فَالقَوْلُ الجَدِيدُ أَنَّهَا تَصْبِرُ إِلَى سِنِّ اليَأْسِ ثِمَّ تَعْتَدُ بِثَلاَثةِ أَشْهُرٍ* وَالقَوْلُ القَدِيمُ أَنَّهَا تَتَرَبّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لِنَفْي الحَمْلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالأَشْهُرِ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-* وَقَوْلٌ ثَالِثٌ قَدِيمٌ أنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الصنف الرابع: اللواتي فَقَدْنَ الدم، على خِلاَف المعْهُود؛ لعارض، يُنْظَر فيهن، فان انقطع دمُها؛ لعلةٍ تعرف كرضاعٍ، ونفاس، ومرض وداءٍ بَاطِنٍ، فتصبر إلى أنْ تحيض (٢)، فتعتد بالأقراء أو إلى أن تَبْلُغ سنَّ اليأس، فتعتد بالأشهر، ولا تبالي


(١) ما قال إنه ظاهر النص أطلق الروياني في الحلية حكايته عن النص وصرح بتصحيحه في تصحيح التنبيه لكن رجح أكثر العراقيين الاعتداد منهم المحاملي في المجموع وسليم في المجرد والجرجاني في الشافي وصاحب التنبيه، وأقره ابن الرفعة في الكفاية، وبه جزم من المراوزة الشيخ أبو محمد في مختصره والغزالي في خلاصته.
(٢) أطلق المرض، وشرطه أن يكون مرجواً لزواله. كذا قيده الروياني في الحلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>