للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُمِعَت؛ جديدٌ وقديمان، ونسب أبو الفرج الزاز الأول من القديمين إلى رواية الزَّعْفَرَانِيِّ، والثاني إلى رواية البُوَيْطِيِّ، وذكر أن بعض أصحاب خَرَّج قولاً ثالثًا على القديم؛ وهو اعتبار أقل مدة الحَمْل، وهو ستة أشْهُر؛ لأنه تظهر أمارات الحمل في هذه المدة وإن لم تَلدْ، فإذا لم تظْهَر، اعتدت بالأشهر، وفي "جمع الجوامع" للقاضي الرُّويانِيِّ وغيره: أن بعض الأصحاب رَجَع عمَّا قاله في القديم صريحًا، ولْيُعْلَم قوله "تصبر إلى سن اليأس" بالميم والألف، وقوله "تَتَرَبَّصُ تسعة أشهر" و"تتربَّصُ أربع سنين" بالحاء.

قَالَ الغَزَالِيُّ: فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى القَدِيمِ فَحَاضَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالعِدَّةِ وَالنِّكَاحِ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ* وَإنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعَةِ بَطَلَ التَّرَبُّصْ وانْتَقَلَتْ إِلَى الأَقْرَاءِ* فَإنْ لَمْ يُعَاوِدْهَا اسْتَأْنفَتِ التَّرَبُّصَ وَالعِدَّةَ جَمِيعًا* وَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ بِالتِّسْعَةِ وَلَكِنْ فِى العِدَّةِ اسْتَأنفَتِ التِّسْعَةَ وَلَكِنْ هَلْ تَبْنِي عَلَى الثَّلاَثةِ أَمْ تَسْتَأْنِفُ فِيهِ خِلاَفٌ* فَإِنْ قُلْنَا بِالبنَاءِ اسْتَكمَلَتْ ثَلاَثةَ أَشْهُرٍ بِالحِسَابِ* وَقِيلَ: يَكْفِيهَا شَهْرَانِ وَمَا مَضَى يُجْعَلُ قُرْءًا وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ البَدَلِ وَالمُبْدَلِ وَهُوَ بَعِيدٌ* وَلَوْ رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ المُدَّتَيْنِ وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَالنَّصُّ أنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الأَقْرَاءِ* وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّ العِدَّةَ قَدْ تَمَّتْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذا الفصْل للتفريع على القديم، والذي يليه التفْريع على الجديد.

أما تفريع القديم؛ فلو أن التي أمرناها التربُّص، والعدة حاضَتْ، فلها أحوال:

إحداها: أن تحيض بعْد التَّربُّص والعدة، وبعد ما نَكَحت زوجاً آخر، فيستمر النكاح لِحَقِّ الثاني، ولا أثر لرؤية الدم بعْد ما ترتَّب على بدله مقصودُه، كما لو رأى المتيمِّم الماء بعْد ما صلَّي، ويُخَرَّج مما في أمالي أبي الفرجالسرخسي وجْهٌ: أنه يتبين بطلان النكاح؛ لأنها إذا حاضَتْ، تبيَّن أنها لم تكن من ذوات الأشهر.

والثانية: إذا حاضَت قبل تمام التربُّص، يبطل التربُّص، وتنتقل إلى الأقراء، ويُحْسب ما مضى قرءاً، فتَضُمُّ إليه قرءين آخرين، وإنما وجَب الانتقال إلى الأقراء؛ لأنها الأصْل، وقد قَدرت عليها قبل الشروع في البَدَل، فإن لم يعاودْها الدم، ولم تتم الأقراء، استأَنَفَتْ مدة التربص؛ لتعتد بعده بالأشهر، وذلك التربُّص قد بَطَل بظهور الدم، وقال في "التتمة": إنما أَمرْناها باستئناف التربص؛ لأنَّا على هذا القَوْل لا تَعتبر اليأس، إنما تَعْتبر ظهور براءة الرَّحِم، وقد ظهرت البراءةُ وَرُؤْيَةُ الدم تولِّد ظن البراءة، والمشهور الأول.

والثالثة: إذا حاضت بعد التربُّص، ولكن في مدة العدة، تنتقل إلى الأقراء كما في الحالة الثانية، فإن لم يعاودْها الدم، عاد المشهور، والمذكور في "التتمة" وإذا تربَّصت

<<  <  ج: ص:  >  >>