للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبني الأشهر على ما مضى من الأشهر الثلاثة أم تستأنف الأشهر؟ فيه وجهان:

أحدهما: تستأنف كما تستأنف مدة التربص.

وأظهرهما: أنها تبني؛ لأن ما مَضَى من الأشهر كان من صلب العدَّة فلا معنى لإبطاله، بخلاف مدة الانتظار، وعلى هذا، ففي كيفية البناء وجهان:

أحدهما، ويُحْكى عن رواية صاحب "التلخيص": أن ما مضى يُعَدُّ قرءاً؛ لأنها انتقلت منْه إلى الحَيْض، ويبقى عليها قرءان، فتعتد بدلها بشهرين (١) وعلى هذا، فلو حاضت مرتين، ضمت إليهما شهراً بدلاً عن القرء الثالث.

وأصحهما، ويقال إنَّه المنصوص: أنها تنظر فيما مضى، وتضم إليه ما يَبْلُغ ثلاثة اْشهر، ولا تضمُّ ببعض الأشهر إلى بعْض الأقراء؛ فإنَّ المشهور بَدَل الأقراء، والواجب الواحد لا يُؤَدَّى ببعض الأصْل، وبعض البدل كما في خصال الكفَّارة، وكما في الوضوء مع التيمُّم، وهذا معنى قوله في الكتاب "وهَذا جَمْعٌ بين البدل والمبدل" وهو بعيد، هذا [على] (٢) ما ذكره الأصحاب -رحمهم الله- فيما إذا لم يعاودْها الدم في الحالة الثانية والثالثة، ولم يقولوا: إذا لم يعد إلى مدة كذا [ويشبه أن يضبط بعادتها القديمة أو بغالب عادات النساء].

والرابعة: إذا حاضت بعد التربّص والأشهر، وقبل النكاح وجهان أو قولان:

أحدهما، ويُنْسب إلى النص: أَنَّها تنتقل (٣) إلى الأقراء؛ لأن البَدَل لم يتَّصل بالمقصود، ولم يتعلَّق بها حقُّ زوج آخر، وكان يكتفي (٤) بالأشهر على ظن أنها لا تَرَى الدم، فقد ظهر خلافُه.

والثاني: المنع؛ لأنا قد حكَمْنا بانقضاء العدَّة، فلا تُغيِّر الحكْم بما يوجد (٥) من بعدُ، كما لو حاضَتْ بعد نكاح زوج آخر، ورجَّح القاضي الرُّويانيُّ -رحمه الله- هذا الوجْه، ونَظْم الكتاب يُشْعِر بترجيح الأول، وبه قال الشيخ أبو حامد وغيره -رحمهم الله- وعن ابْن أبي هريرة: أنها إن اعتدَّت بالأشهر بحكم الحاكم، لم يُنْتَقَضِ الحُكْم، ولم تنْتقل إلى الأقراء، وإن اعتدت بها بمجرد الفتوى، انتقلت إلى الأقراء.

وأحكامُ هذه الأحوال لا تختلف بين أن تَجْعل مدة التربُّص تسعة أشهر أو ستةً أو أربع سنين.


(١) في ز: شهرين.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: تنقل.
(٤) في ز: وكنا ملقى.
(٥) في ز: يؤخذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>