للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَأمَّا إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الجَدِيدِ فَسِنُّ اليَأْسِ أَقْصَى مُدَّةِ يَأْسِ امْرَأَةٍ فِي العَالَمِ مِمَّنْ تُعْرَفُ عَلَى قَوْلٍ* أَوْ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا عَلَى قَوْلٍ* وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالعَصَبَاتِ مِنَ النِّسَاءِ* وَقِيلَ: يُنْظَرُ إِلَى البَلَدِ لاَ إِلَى العَالَمِ* وَعَلَى هَذَا القَوْلِ لَوْ رَأَتِ الدَّمَ قَبْلَ مُضِيِّ الأَشْهُرِ بَعْدَ سِنِّ اليَأْسِ انْتَقَلَتْ إِلَى الأَقْرَاءِ* فَإِن لَمْ يُعَاوِدْهَا فَتَسْتَأنفُ (و) الأَشْهُرِ قَطْعًا لأَنَّ المَطْلُوبَ اليَقِينُ* وَهَلْ عَلَيْهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعُ سِنِينَ لِلتَّرَبُّصِ إِذْ زَالَ اليَأْسُ بِالحَيْضِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ* وَالأَصَحُّ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ* أَمَّا إِذَا رَأَتْ بَعْدَ الأشْهُرِ فَلاَ يُؤَثِّرُ عَلَىٍ قَوْلٍ* وَيُؤَثِّرُ عَلَى قَوْلٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ* وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ قَبْلَ النِّكَاحُ يُؤَثِّرُ وَبَعْدَهُ لاَ يُؤَثِّرُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: التفريع على الجديد: يُتبيَّن غرضه بمسألتين:

إحداهما: النظر في سِنِّ اليأس إلى جميع النساء أو بعضِهن؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه يُنْظر إلى جميعهن، فتعتبر أقْصَى مدة يأس النِّساء فَتُؤْمَرُ بالتربُّص إليه؛ احتياطًا وطلبًا لليقين.

قال الإِمام -رحمه الله-: ولا يمكن طوف (١) العالَمِ والفحص (٢) عن سكانه، وإنما المراد ما تبلغ خبره، ويعرف؛ وعلى هذا القول: الأشْهَر أن سن اليأس اثنان وستُّون سنةً، وفي "اللطيف" لأبي الحسن بن خيران وغيره وجهان:

أحدهما: أن سن الياس ستون سنة.

والثاني: خمسون.

وذكر أبو الفرج السرخسي أن المرأة، إنما تَبْلُغ سن الياس، إذا جاوزت تسعين سنةً، وحُكِيَ أن امرأة حاضت لِتِسْعين سنَةً.

والقول الثاني: أنَّ النَّظَر إلى بعْضِهن، وعلَى هذا فالمَشْهور، ويُحْكَى عن نصه في الأم: أنه يُنْظر إلى يأس نِسَاء عشيرتها منَ الأبوين؛ لتفاوتهن في الطَّبْع والخُلُق والخَلْق ونزوع بعضهم إلى بعض، فإذا بلغت السن التي ينقطع فيها حِيَضُهن، ولم تر دَمَاً، فقد بلغَتْ سنَّ اليأس، وحُكِيَ وجهان آخران:

أحدهما: أن الاعتبار بنساء العَصَبَات؛ كمهر المثل، إلا أن مَهْر المثل يتعلّق بالرغبات، والنسبُ من أركان الرغبة، فاختص مهْر المثل بالعصبات، وهاهنا بخلافه.

والثاني: أن الاعتبار بنساء البَلَد؛ لأن للأهوية تاثيرًا في الأمزجة وتفاوت الطباع،


(١) في أ: طواف.
(٢) في أ: والتفحص.

<<  <  ج: ص:  >  >>