للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ولَدَتْ أمته أو أمُّ ولده منه فله أن يجبرها على إرضاعه؛ لأن لَبَنَهَا ومنافعها له، ولو أراد أن يُسَلِّم الولَدَ إلى غيرها، وأرادَتْ هي أن ترضعه، ففي "التتمة": حكاية وجهَيْن في أنه هل يتمكَّن منه؟ أحدُهما.

نَعَم؛ لأنها ملكه، وقد يريد استخدامها والاستمتاع بها.

وأظْهَرُهما، وهو المذكور في الكتاب: المنع لما فيه من التفريق بين الوالِدَة وولَدِها، نعَمْ له أن يضمه في أوقات الاستمتاع إلى غيرها، ولا يكلفها أن ترضع ولداً آخر مَعَ ولدها بأُجْرةٍ أو بغَيْر أُجرةٍ، إلا أن يفضل لبنها عن ريِّ ولَدِها إما لقِلَّة شُرْبه، أو لكثرة اللَّبَن، أو لاجتزائه بغير اللبن في أكثر الأوْقَات، ولوْ مَاتَ، ماتَ ولَدُها أو استغنى عن اللبن، فله ذلك، وله إجْبارها على الفِطَام قبل الحولَيْن، إذا اجتزأ الولد بغَيْر اللبن، وعلى الإرضاع بعد الحولين، وإن كان يجتزئ بغيْرِ اللبن، إلاَّ إذا تضررت [به]، وليس لها الاستقلال بالفِطَامِ ولا الرضاع، وأما الحُرَّة، فهِيَ صاحبةُ حقٍّ في تربية الولَدِ، فليس لواحدٍ من الأبوين الاستقلالُ بالفِطَامِ قبْل تمام الحولَيْن، وعلى الأب الأجْرَةُ، إذا امتنعت منه الأُمُّ إما لها أو لغيرها، وذكر فيه احتمالٌ: إذا لم يَتضرَّر به الولد، وإن اتفقا عليه جاز إذا لم يَتضرَّر به الولد وبعد الحولين يجوز لكل واحدٍ منهما الفِطَامُ، إذا كان يجتزئ بالطعام، ويجوز أن في اد في الإرضاع بالإنفاق، ولو لم يكن وَلَدُ الأمة مِنَ السيد، بل مملوكًا له، وكان من زوْجٍ أو زناً، فحضانته على السيد، وحُكْمُ الإرضاعِ على ما ذكرنا، وإن كان حرّاً، فله طلب الأجرة على إرضاعه، ولا يلزمه التبرُّع كما لا يجب على الحُرَّة التبرُّع (١) بالإرضاع، ولو رَضِي بأن ترضعه مجاناً، لم يكن لها الامتناع.

وقوله في الكتاب: "فلا فطام إلا بتوافقهما" يعني قبل الحولَيْن كما قال عقيبة "فإن أَبَتِ الفِطَامَ قَبْلَ الحَوْلَيْنِ" أما بعد تمام الحولين، فلا حاجة إلى التوافُقِ، ولكلِّ واحدٍ منهما ذلك؛ على ما ذكرنا، كذلك أورده صاحب "التهذيب" وغيره.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ يَتَعَيَّنُ مَا يُضْرَبُ عَلَى العَبْدِ مِنْ خَرَاجٍ مُعَيَّنٍ بَلْ عَلَيْهِ بَذْلُ المَجْهُودِ، وَلاَ يُكَلِّفُهُ السَّيِّدُ إلاَّ مَا يُطِيقُ، فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَى عَبْدِهِ بِيْعَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُرْغَبْ فِي شِرَاِئهِ فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ المُسْلِمِينَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:


(١) يستثنى منه اللبأ الذي لا يعيش الولد إلا به فليس للسيد المنع منه، وقد ذكر الرافعي في زوجة المفقود إذا حضر بعد أن تزوجت وأتت بولد من الثاني وحكمنا ببقاء نكاح الأول أن له منها من إرضاع الولد إلا اللبأ الذي لا يعيش إلا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>