للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: في العَمْدِ به.

والثاني: في بَيَانِ المُزْهِق، وتعلُّق القصاص بالمباشرة والسَّبَب.

والثالث: في اجتماع السَّبَبِ والمباشرة.

والرابع: في اجتماع المباشرتين وأما إذا اجتمع سببان، فالقول فيما يُرَجَّحُ منهما مذْكُورٌ في "كتاب الدِّيَاتِ".

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ في أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الأَوَّلُ فِي العَمْدِ المَحْضِ وَالخَطَأُ مَا لاَ قَصْدَ فِيهِ إِلَى الفِعْلِ كَمَا لَوْ تَزَلَّق رِجلُهُ فَسَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ مَا لاَ قصْدَ فِيهِ إِلَى الشَّخْصِ كَمَا لَوْ رَمَى إلى صَيْدٍ فَأصَابَ إِنْسَاناً، وَالعَمْدُ الَّذِي قُصِدَ بِهِ الشَّخْصُ وَكَانَ مَا قُصِدَ بِهِ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِباً وإنْ كَانَ بِمُثَقَّلٍ لاَ يَجْرَحُ (ح) أَوْ مَا يَقْتُلُ كثِيراً وإنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبَاً إنْ كَانَ بِجَارحٍ، أمَّا مَا لاَ يَقْتُلُ غالِباً وَإِنْ قَتَلَ كَثِيراً كَالسَّوْطِ وَالعَصَا، أَوْ يقْتُلُ نَادِرَاً كَغرْزَةِ الإِبْرَةِ الَّتِي لاَ تُعْقبُ أَلَمًا ظَاهِرَاً فلاَ قِصَاصَ فِيهِ، وَإِنْ أعْقَبَ وَرَماً وَأَلَماً حَتَّى مَاتَ عَقِيبَهُ وَجَبَ القِصَاصُ، وإنْ لَمْ يُعْقب وَرَماً وَمَاتَ عَقِيبَهُ فوَجْهَانِ، وَلَوْ سَقَى غَيْرَهُ دَوَاءً يَقْتُل كَثِيراً لاَ غَالِبَاً فَالظَّاهِرُ (و) أنَّهُ كَغَرْزِ الإبْرَةِ لِأَنَّ أَغْشِيَةَ البَاطِنِ دَقِيقَةٌ فَتَنْقَطِعُ بِالدَّوَاءِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا صَدَر منْه فعلٌ قَتَلَ غيره، وإن شِئْتَ قلْتَ أهْلَكَهُ، نُظِرَ؛ إن لم يقصد أصل الفعل، كما لو تَزْلَقُ رجْلُه، فسقط على غيره، فمات أو لم يَقْصِد الشخص المتأثّر، وإن قَصَدَ الفعل، كما إذا رمى إلى صَيْدٍ، فأصاب إنساناً، أو قصد إنساناً فأصاب غيره، فهذا خطأٌ محْضٌ لا يتعلَّق به قصاص، وإن قصد الفِعْل والشخص معاً، فقد يكون ذلك عمداً محضاً، وقد يكون شبه عمْد، وفي التمييز بينهما عباراتٌ وطرقٌ للأصحاب -رحمهم الله-.

أحدها: أنه إذا وجد القَصْدَانِ معاً، وعلِمْنا أن الموت حَصَلَ بفعله، فهو عمد موجِبٌ للقصاص، سواءٌ قصد الإهلاك أو لم يقْصِدْه، وسواء كان الفعْل مهلكاً غالباً أو نادراً؛ كقطع الأنملة، وإن تردَّدنا في أن الموت هلْ حَصَل به، فهو شبْهُ عمْدٍ.

والثاني: أنه إن ضربه بجارحٍ، فالحكم كما ذكرنا، وإن ضربه بمثقل، فيعتبر مع ذلك أن يكون مهلكاً غالباً، فإن لم يكن مهلكاً غالباً، ومات به، فهو شبْهُ عَمْدٍ، واعترض في "الوسيط" على الطريقة الأولَى؛ بأنه لو ضرب كوعه بعصاً، فتورم الموضع، ودام الألَمُ، حتى مات فإنا نعْلَم حصول الموت به، ولا يجب القصاص، وإنما الواجب فيه الدية على ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قَتِيلُ السَّوْطَ والعَصَا فِيهِ مَائَةٌ مِنَ الإِبِل".

<<  <  ج: ص:  >  >>