قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفعل الذي له مدخل في الزهوق إما أن لا يُؤَثِّر في حصول الزهوق، ولا في حصول ما يُؤَثِّر في الزهوق ويُحَصَّلُه، هاما أن يؤثر في الزهوق، ويحصله، وإما أن يُؤَثِّر في حصول ما يؤثر في الزهوق ويحصله أما الأول، فَكحَفْر البئر، مع الرَدى، أو التردية أو كالإمساك مع القتل، فإنَّ الحفر له مدْخَلٌ في الهلاك، ولولاه، لَمَا حَصَلَ الهلاك بهذا الطريق، لكنه لا يُحَصِّل الزهوقَ ولا ما يحصل الزهوق، فإن المُحَصِّل للزهوقِ التَّردِّي في البئر ومصادفتها، والحفْرُ لا يؤثر فيه، إنما المُؤَثِّر فيه التخطِّي والحركةُ في ذلك الصوب.
وأما الثاني: وهو الذي يؤثِّر في الزهوق ويَحَصِّله؛ كالقَدِّ والحَزِّ والجراحات السارية.
وأما الثالث: فالإكراه المؤثِّر في القَدِّ والحَزِّ وعبر صاحب الكتاب عن القسم الأول بـ"الشرط" وعن الثاني بـ"العلة"، وعن الثالث بـ"السبب"، ولا يتعلَّق القِصَاص بالشَّرْط ويتعلق بالعلَّة، وكذا بالسبب على تفْصِيل واختلافٍ سيظهر، وهاهنا كلامان:
أحدهما: ذكَرْنا في "باب الغصب" أن صاحب الكتاب لم يَفِ برعاية هذا الإصطلاح في الشرط والسبب، وسمي الحَفْر سبباً في غير هذا الموضع من الكتاب.
والثاني: قال في "الوسيط" ما يَحْصُلُ الموت عقيبه ينقسم إلى علَّةٍ وشَرْطٍ وسببٍ، وليحمل على ما يَحْصُل الموت عقيبه من الأفعال التي لها مدخل في الزهوق، وله تعلُّق بها وإلاَّ، فالقسمة غير حاضرة، ثم قال: العلة ما تُوَلِّدُ الموْتَ، إما بغير واسطة، كحز الرقبة، وإما بوسائط؛ كالرمْي؛ فإنه يُولَّد الجُرْح، والجُرْح يولِّد السراية، والسرايةُ تولِّد الموت، ولك أن تقول: الروح غير متناوَلٍ باليد ولا بالسَّيْف والسَّهْم، والجراحةُ الحاصلةُ بسهم الرامي كالجراحةِ الحاصلةِ بسَيْف المجيل والمُحَرِّك، [له] فَإِن صدَقَ القَوْلُ بأن الرمْيَ يولَّد الجُرْحَ، والجرحُ السرايةَ، والسرايةُ الموْتَ، وكان ذلك