علَيْهِمَا، وهما كالشريكَيْن، وللوليِّ أن يقتص من أحدهما، ويأْخذ نصْفَ الدية من الآخر، وان لم نوجب القصاص على المُكْرَهِ ففي الدية وجهان:
أحدهما: أنها لا تجب أيضاً؛ تنزيلاً له منزلة الآلة.
والثاني: تجب نصْفُ الدية، والقِصَاصُ إنما يسقط لشبهة الإكراه، والديَةُ لا تَسْقُطُ بالشبهة.
والأول: أصحُّ عند صاحب "التهذيب" والثاني، وهو المنصوص، وهو الذي أورده الأكثرون، وقد يُقَال: في الدية قولان مرتَّبَان على القَوْلَيْن في القصاص؛ وهي أوْلَى بالوجوب.
التفريع: إن أوجبنا على المُكْرَهِ نصْفَ الدية، فعليه الكفَّارة، ويتعلق بقتله حرمانُ الميراث. ونصْفُ الدية الواجبةِ يكونُ عَلَى عاقلته أو في ماله قال الإِمام: فيه (١) تردُّد عندي، يجوز أن يقال: في ماله؛ لأنه قاصِدٌ للقتل آثِمٌ، ويجوز أن يجعل على عاقلته ويُجْعَل الإكراه مبطلاً لاختياره وتعمده.
وان قلْنا: لا دية علَيْه، ففي الكفَّارة وجهان:
أحدهما: المَنْع؛ لمعنى الآلة.
وأصحُّهما: الوجوبُ؛ لحصول الإثْم المُحْوج إلى التكفير، فإن أوجبنا الكفَّارة، تَعلَّق به حرمان الميراث، وإلا، ففي الحرمان وجهان:
أظهرهما: ثبوته على ما يقدَّم بيانُ الخلاف فيه في "الفرائض"، وهو قضيةُ ما أورده هنالك، وعند أبي حنيفة: لا دية ولا كفَّارة على المُكْرَهِ، كما لا قِصَاصَ.
وقوله في الكتاب: "أن يعتدل السبب والمباشرة كالإكراه" إنما يجعل الإكراه على القتل مع مباشرة القتل في مرتبة الاعتدال؛ لأنه لا يخرج المباشرة عن كونها عدواناً، فلا يصير غالباً عليها، وهو المولِّد للمباشرة، والمؤثِّر فيهما، فلا يصير مغلوباً.
وقوله: "فإن أسقطنا الدية إحالةً على المُكْرِهِ" أي إحالةً للقتل علَيْه، وتنزيلاً للمُكْرَهِ منزلةَ الآلة.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا وَجَبَ عَلَى الثَّانِي لأِنَّ شَرِيكَ غَيْرَ المُكَافِئِ يُقْتَلُ وهُمَا كَالشَّرِيكَيْنِ كُفْئاً، وَلَوْ أَكْرَهَ إنْسَاناً عَلَى أَنْ يَرْمِيَ إِلَى ظُلَلٍ عَرَفَهُ المُكْرِهُ إنْسَاناً فَظَنَّهُ الرَّامِي جُرْثُومَةَ فَهوَ شَرِيكُ الخَاطِئِ وَلَكِنْ فِي وُجُوبِ القِصَاصِ
(١) قال النووي: الأرجح أنه من ماله.