كشريك الخاطِئِ، ولأنَّ فعْل السَّبُع لا يَصْدُر عن فِكْر وَرَويَّة، فلا يوصف بالعمدية، وهذا الأصحُّ عند القاضي الحُسَيْن والإمام وصاحب الكتاب، وهذان الطريقان على ما يقتضيه كلامُ الإِمام فيما إذا قصد السبعُ الجُرْحَ، ففي طريق يجيْء في شريكه الخلافُ المذكورُ، فيمن شارك عامداً غيْرَ ضامن، وفي طريقٍ لا يُنْظَر إلى صفة فعله، ويُجْعَل عمْدُه كالخطأ، وأما إذا وَقَع السبُع عليه من غير قصد، فليس ذلك مَوْضِعَ الخلاف [فلا قصاص قطعاً].
وفي "التهذيب" أنَّا إذا أوجبْنا القصاصَ على شريك السَّبُع، فلا فرق بين أن يقْصده السبعِ بالجرح، أو لا يقصده، وهذا ذَهَابٌ إلى تنزيل خطئه منْزلةَ العَمْد على خلاف ما حَكاه الإِمام وعلى كل حَالٍ، فالخلاف فيما إذا كان جُرْح السَّبُع بحَيْث يَحْصُل منه الموت غالباً فإن كان لا يُفْضِي إلى الموْت غالِباً، فشريكه كشريك الجارح شبهه، العمْد ولو جرح رجُلٌ عبْدَه، وجرحه عبد أيضاً وعتق فجرحه عبْدٌ أو حرٌّ، ومات من الجرحَيْن ففي وجوب القصاص على الجارحِ الآخَرِ طريقان.
أشهرهما: طرد القولين.
والثاني: القطْع بالوجوب؛ لأن فعل السيد مضمونٌ بالكفارة، فشريكه شريكُ عامدٍ ضامنٍ، كشريك الأب، والخلافُ راجعٌ إلى أن المُعْتَبَر مُطْلَقُ الغُرْم أو كون الفِعْل مضموناً بالدِّيَة، فإنَّها التي تتعلَّق بحقِّ القتل، والكفَّارة تجبُ لحَقِّ الله تعالَى ولو جَرَحَ نفْسَه وجَرَحَهُ غيره، فوجوب القِصَاصِ على الشَّريك ينبني عَلَى أن قاتل نفسه هل تلزمه الكفَّارة إن قلْنا: نعم، فهو كشريك السيِّد، وإن قلنا: لا، فكشريك الحربي، وكيفما كان، فالظاهر الوجوب، ولو رمى اثنان سهمَيْنِ إلى صَفِّ الكفار، وأصابا مسلماً في الصفِّ وقد علم أحدهما أن هناك مسلماً، ولم يَعْلَمِ الآخرُ، فوجوب القصاص على الذي عَلِمَ يبنى على الخلافِ في شَرِيك السَّيِّد؛ لأن فعْل الجاهل مضمونٌ بالكفارة.
وقوله في الكتاب:"وشَرِيكِ الجلاَّد و [شريك] مستوفي القصاص" يجوز إعلامهما بالواو إشارةً إلى الطريقةِ القاطعةِ بوُجُوب القِصَاصِ عَلَى الشريك في الصورتَيْنِ.
وقوله:"والسبع ملحَقٌ بالخاطئ في أصح الوجهين" الوجهان محمولان على الطريقين الذين بيَّناهما.
وفي قوله:"لا بالحربي" بيان أن المقابل للأصح أنه كالحربيَّ، فيكون في شريكه القوْلاَن المذكور أن في شريك الحربيِّ، وكذا الحال في قوله:"وشريك السيد كشريك الأب على أحد الوجهين"، والوجه والطريق قَدْ يقام أحدُهُما مقامَ الآخر.
فَرْعٌ: وجوب القصاص على شريك الصبيِّ والمجنونِ العامدين يُبْنَى على الخلاف في أن عمْدَهُما عمْدٌ أو خطأٌ، إن قلْنا: عمد، وجَبَ، وهو الأصح، وإن قلْنا خطأٌ،