للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمان الانتهاءُ، وفي القصاص تعتبر الكفاءة في الطرفَيْن والواسطة، وكذلك إذا تبدَّل الحال بين الرمْي والإصابة، اعتبر في القصاص الكفاءة في الطرفَيْن والواسطة، وكذلك يعتبر الطرفان والواسطة في تحمُّل العَقْل، على ما سيأتي بيانه في بابه إن شاء الله تعالى.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: النَّوْعُ الثَّانِي: القِصَاصُ فِي الطَّرَفِ وَهُوَ فِي شَرْطِ القَطْع والقَاطِعِ وَالمَقْطُوعِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي شَرْطِ القَطْعِ وَالقَاتِلِ وَالمَقْتُولِ لاَ يُفَارِقُهُ (ح) فِي التَّفَاوُتِ فِي البَدَلِ، وَتُقْطَعُ (ح) يَدُ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ وَالعَبْدِ بِالحُرِّ، وَلاَ تُقْطَعُ السَّلِيمَةُ بِالشَّلاَّءِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نِصْفاً مِنْ صَاحِبِهَا، وَالأَيْدي تُقْطَعُ (ح) بِاليَدِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ الاِشْتِرَاكِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ القَطْعِ، وَإِنَّمَا تُفَارِقُ النَّفْسَ في أَمْرَيْنِ (أَحَدُهُمَا): أَنَّ الأَجْسَام لاَ تُضْمَنُ بِالسِّرَايَةِ نَصّاً بِخِلاَفِ الرُّوحِ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ أَنَّهُ كَالرَّوحِ. (الثَّانِي): أَنَّ الجِنَايَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ قَابِلَةً لِلضَّبْطِ حَتَّى يُسْتَوْفَى مِثْلُهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد تبيَّن في أوَّل الكتاب أن القوْل في القِصاص يتعلَّق بطرَفَيْن؛ الوجوب والاستيفاء، وأن القَوْل في الوجُوب في قِصَاص النفْس وقصاص الطَّرف، وقدْ حَصَل الفراغُ من النَّوْع الأوَّل، وأما النوعُ الثانِي، وهو قصاص الطَّرَف، فالوجوب فيه يتعلَّق أيضاً بثلاثة أركانٍ، كما في الأول، وهي القطعُ والقاطعُ والمقطُوعُ، وكما يعتبر في القتل أن يكون عمداً محضاً عدواناً، يعتبر في الطرف حتى لا يتعلَّق القصاص بالجراحات، وإبانةُ الأطراف، إذا وقَعَت خطأً أو على سبيل شِبْه العمْد، ومِنْ صور الخطأ أنْ يَقْصِد بالحَجَر جداراً، فيصيب رأْسَ إنسان، فيوضحه ومن صور شبْه العمد: أن يضرب رأْسَه بلطمة أو بحَجَر لايشج غالباً لغاية صِغَره، فيتورم الموضع ويتضح العَظْم، وقد يكون الضرب بالعَصَا الخفيفة، والحجر المحدَّد عمْداً في الشِّجَاج؛ لأنَّه يوضح غالباً، ويكون شبْه عَمْدٍ في النفس؛ لأنه لا يَقْتُل (١) غالباً ذكره صاحب "التهذيب" وغيره، ولو أوضحه بما يوضح غالباً، ولا يقتل غالباً، فمات من تلْك الموضحة، فعن الشيخ أبي حامد: أنه يجب القصاصُ في الموضِّحة، ولو مات منها، لم يجب القصاص، واستبعده ابن الصبَّاغ وغيره؛ لأنه إذا كانت هذه الآلة، توضح في الغالب كانت كالحديدة (٢)، وفقأ العين بالأصبع عَمْدٌ؛ لأنها في العين تَعْمَلُ عَمَل السَّلاح.


(١) قال في الخادم: أنه في المطلب حكاه عن الأصحاب لكن المارودي قيده بما إذا مات بغير سراية فلو مات بها وجب القول في النفس أيضاً لحدوث القتل عن جرح يوجب القصاص فوجب أن تكون سرايته موجبة للقصاص أيضاً اعتباراً بموجبها.
(٢) أي والحديدة يجب فيها القود إذا مات قطعاً.
قال في الخادم: ما نقله عن أبي حامد تبع فيه ابن الصباغ وصاحب البحر لكن في تعليق الشيخ =

<<  <  ج: ص:  >  >>