وُيعْتَبَر في القاطِع أن يكون مكلَّفاً ملتزماً للأحكام، وفي المقْطُوع أن يكون معصوماً، كما ذكرنا في النفْس، ومن لا يقتل به الشَّخْص، لا يَقْطع طرفه بطرقه، ومن يقتل به الشخْص يقطع طرفه بطرقه، ولا يُشتَرطُ في قصاص الطَّرَف التساوِي في البَدَل، كما لا يشترط في قصاص النفس حتَّى تُقْطَع يدُ العبد بالعَبْد، والرَّجُل بالمرأة، وبالعكْس ويدُ الذميِّ بالمسلم دون العكس، والعبد بالحرِّ دون العكس.
وقال أبو حنيفة: إنما يجري قصاصُ الطَّرَف بين حُرَّيْن أو حُرَّتَيْنِ، ولا يَجْرِي بيْن العبْدِ والحُرِّ ولا بيْن العبْدَيْن، ولا بين الذكَر والأنثَى.
لنا: أن من قُتل بغيره، وجب أن يقطع طرفه بطرقه عند السلامة، كالحرين، ولا يرد على اللَّفْظ ما إذا قطَع صاحبُ اليد السليمة يداً شلاَّء أو ناقصةً بأصبع، حيث لا تقطع به، وإن كان لو قتله يُقْتَل به، والمعْنَى فيه أنَّ قِصَاص النَّفْس لصيانة الروح، وقد استويا في الروح، والشَّلل والنقصان لا يخلاَّن فيها، وقصاص الطرف لصيانة الأطراف، وقد تفاوتا في الطرف، وفرق فارقون بأن اليَد الشَّلاَّء ميتة، والحيُّ لا يُؤْخَذ بالميت، كما لا يُقْتَل الحيُّ بحَزِّ رقبة الميت، وذُكِرَ على هذا وجهان في أن اليد الشلاء من المذَكَّاة، هل تُؤْكَل، وضعَّف القاضي أبو الطيب وجماعةٌ هذا الفرْق، ومنَعُوا كوْنَ اليد الشلاء ميتة، وقالوا لو كان كذلك، لَتَغَيَّرت، ولكانت نجسة.
وكما يقتل الجماعة بالواحد، تقطع الأيدي باليد الواحدة، إذا اشتركوا في القطْع؛ بأن وضعوا السكِّين على اليد، وتحامَلُوا عليها دفعةً واحدةً حتى أبانوها، أو أبانوا بضربة واحدةٍ، اجتمعوا عليها، وبهذا قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا تُقْطَع الأطرافُ بطَرَف واحد.
لنا: القياس على النفْس، ويخالف ما لو سرَق رجلانِ نصاباً واحداً، لا يجب القَطْع؛ لأن القطْع في السرقة حق الله تعالى، والحدود مجالُ المساهلات بخلاَف القصاصِ الذي هو حقُّ الآدميِّ ولذلك لو سرَقَ نصْفَ نصاب، ثم عاد، فكمل لا يُقْطَع، وهاهنا لو أبان اليد بدَفْعَتَيْن، يقطع.
ولو تميَّز فعْل الشركاء؛ بأن كان يقطع هذا من جانب، وهذا من جانبٍ، حتى التقت الحديدتان، أو قطع أحدهما بعْض اليد، وجاء الآخر فقطع الباقي وأبان، فَلاَ
= أبي حامد في أول باب الجنايات يقتضي موافقة بحث ابن الصباح لا نقله عنه، وذكر بعض المتأخرين أنه ليس في كلام أبي حامد ما نقله عنه وأن الماوردي صرح بخلافه وقال هذا إذا مات في الحال من غير سراية كما في غرز الإبرة فإن مات بالسراية وجب القود وقد وضح أن الفتوى على وفق بحث ابن الصباغ.