وقوله في الكتاب:"لتأكد الظن بالإخراج، وكذا في كل حالةٍ؛ لأن بذْلَه عوضاً عن اليمين تسليط" كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها لِتَأَكُّدِ الظنِّ بالإخراج، ولأن بذله عوضاً" وطرح قوله: "وكذا في كل حال" فإن طرح، فذاك، وإن أثبت، فالأحوال التي يمكن تنزيل اللفظ عليها هي [الفصول التي فصَّلْناها و](١) التأويلات التي فصَّلْناها من قوله: "تعمَّدت القطع مع العلْم بأنها يسارٌ وأنها لا تجزئُ عن اليمين" ومِنْ قوله: "قطعتها عوضاً عن اليمين".
وقوله: "ظننت أن المُخْرَجَ اليمين" أعلمت الكلمة بالواو؛ لما ذكرنا من الخلاف في الفصل الثاني والرابع من الترتيب الذي ذكَرْناه، لكنه ذَكرَ على الأَثَر ما إذا قَالَ: "ظننتُ أن المُخْرَجَ يمينٌ، وما إذا قال:"ظننتُ أنها تُجْزِئ عن اليمين" فلا يبقى لقوله: "وكذا في كل حالٍ" كبيرُ فائدةٍ.
وقوله:"ولو قال: ظننتُ أن المخرَجَ يمينٌ، فهو كما لو قال: ظننتُه قاتل أبِي" هذا صحيح في الحقيقة؛ لما ذكرنا في الصورة من الخلاف، لكنه لم يذكر في "الوسيط" الخلافَ في هذه الصورة في الحالة الثانية، وكذا الإِمام، وإنَّما ذكراه في الحالة الثالثة المغفلة في الكتاب، وهي أن يقول المُخْرِج: دُهِشْتُ، وهو في الغالب يَنْحُو نحْو الإِمام، ونحو ما ذكره في سائر كتبه، وإذا كثرت الشعب والأقسام، لم يُؤْمَن مِنْ أن يدخلُ حُكْمُ بعْضها في بعْضٍ، ثم يجوز أن يُعْلَم قوله:"وهو كما لو قال ظننته قاتِلَ أبي" بالواو؛ للقطع الذي حكاه الإِمام وصَّوبه، وكذلك قوله:"ففي هذه الصورة، لا يجب القصاصُ" ليعلم بالواو.
وجميع ما ذكرناه في القصاص، فأما إذا وجب قطْع اليمينِ في السَّرقة، فقال الجلاَّد للسارِق: أَخْرِجْ يمينَكَ، فأخْرَجَ يساره، فقطَعها، فعن القفَّال وغيره حكايةُ قولٍ أن الحُكْم على ما ذَكَرْنا في القصاص، وهذا القولُ يُنْسَب إلى القديم، ويقال أيْضاً: إنه مُخرَّج.
وظاهر المذهب أنه يُكْتَفَى للحدِّ بما جَرَى، ويسقط قطْع اليمين، والفَرْق أن المقصود من الحدِّ التنكيل وتنقيص الآلة الباطشة، وقد حصَل ذلك، والقصاصُ مبنيٌّ على المماثلة، وأيضاً، فالحدود مبنيةٌ على المساهمة، ولليسار مدْخلٌ في قطْع السرقة في الجملة، فجاز أن يكْتفَى بها، وحقوق الآدميين مبنيةٌ على المضايقة، فلا يقطَعُ اليسارُ باليمين بحالٍ، وأيضاً، فقطع القصاصِ أخصُّ بالطَّرَف من قطع السرقة؛ ألا ترى أن مَنْ قَطَع يمين غيره، ولا يمين له، لا تُقطَع يساره بحال، ولو سرق مَنْ لا يمينَ له، فقد تُقطَع يساره واستدركَ القاضي حُسَيْن؛ فحمل ما أطلَقَه الأصحابُ على الحالتَيْن