للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحُّهما: أن هذه الألفاظ لاغيةٌ، ويلزمه ضمان ما يَحْدُث [فإن إسقاط الشيْء قبل ثبوته غيْرُ منتظم.

والثاني: أنها تُعْتَبَر، ولا يلْزَم ضمانُ ما يَحْدُث؛] (١) لأن الجناية على الطَّرَف سببٌ لفوات النفْس، فإنَّ النفْس لا تباشر بالجناية، وهذا هو الخلاف الذي سَبَقَ في الإبراء عما لم يَجِبْ، وجرى سبب وجوبه، فإن قلْنا باعتبارها، سقَط الكلُّ وفي طريق حُكْمُ هذه الألفاظ حُكْمُ الوصية، يبنى على القولَيْن في الوصية للقاتل، قال الإِمام: وُيخرَّج مما ذكرنا في أرْش العضْو وضمانُ السراية إلى الروح تفريعاً على الأصلَيْن، وهو الاختلافُ في الوصية للقاتِل، والاختلافُ في الإبراء عمَّا لم يجبْ، وجرى سبب وجوبه ثلاثة أقوال، فإن لم نصحِّح الوصية للقاتل، فتجب الدية بكمالها، وإن صحَّحناها، وصحَّحنا الإبراء عما لم يجِبْ، سقطَتْ بكمالها، إذا وفَّي بها الثلث، وإن صحَّحناها، ولم نصحح الإبراء، سقط الأرش، ووجَب ضمان السراية، هذا إذا كان قدْر الأرش دونَ الدية فأما إذا قطَع يدَيْ إنسان، فعفا المقطُوع عن أرش الجناية، وما يحْدُث منها، فإن لم نصحِّح الوصية، وجبت الدية بكمالها، وإن صحَّحناها سقطَتْ بكمالها، إذا وفَّي بها الثلث، سواءٌ صحَّحنا الإبراء عما لم يجبْ أو لم نصحِّحه؛ لأن أرش اليدين ديةٌ كاملةٌ فلا يزيد بالسراية شيْءٌ.

الثالثة: إذا سَرَى القطْع إلى عُضْوٍ آخر، كما إذا قطع الأصبع، فتآكل باقي اليَدِ، ثم اندمل، فالمنقول: أنَّه لا قصاص [بناءً على أنَّه لا قصاص] (٢) في الأجسام بالسرَاية، وقد ذكَرْنا فيه تخريجاً، ويمكن أن يجيْء على ذلك التخريج الخلاف المذكورُ في قصاص النَّفْس في الحالة الثانية، وأما الدِّيةُ، فلا يخفَى سقوطُ دية العضْو المقطُوع بالعَفْو (٣)، وفي ضمان السراية وَجهَان:

أصحُّهما: أنَّه يجب؛ لأنه عفا عن موجِب الجناية الحاصلة في الحال، فيقتصر أثره عليه.

والثاني: المنع؛ لأنه إذا سقَطَ الضمان بالعفو، صارت الجناية غَيْرَ مضمونة، وإذا لم تكن الجنايةُ مضمونةَ، فلا تكون سرايتها مضمونةً، كما إذا قال لغيره: اقطع يَدِي، فقَطَعها، وسرى القَطْع إلى عضْو آخر، وكما إذا قطَع يد مرتدٍّ، فأسلَمَ، ثم سرَى، هذا إذا اقتصر على العفْو عن موجب الجناية، فأما إذا قال: عفوتُ عن هذه الجناية، وما


(١) سقط من: ز.
(٢) سقط من: ز.
(٣) وقضيته أنَّه لا خلاف لكن في الحاوي للماوردي إن محصنا القود. واعتبر للدية اختيارها لم يسقط بطلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>