للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَدَّرُ نِسْبَتُهُ مِنَ الرُّبُع، وَلَيْسَ فِي إِفْسَادِ مَنَابِتِ الأهْدَابِ وَسَائِرِ الشُّعُورِ إِلاَّ الحُكُومَةُ خِلاَفاً لِأَبِي حَنِيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفِي انْدِرَاجِ حُكُومَةِ الأهْدَابِ تَحْتَ دِيَةِ الأَجْفَانِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: في الأجفان كمالُ الدية؛ لأن فيها جمالاً ومنفعة، أم الجمالُ، فظاهر، وأما المنفعة؛ فلأنها تقي الحَدَقَة عن الحَرِّ والبَرْد، والقَذَى والآفات، وعن مالك: أن فيها الحكومةَ، وفي جَفْنَيْ إحدى العينَيْن نصْفُ الدية، وفي كلِّ واحدة منهما الربع؛ وذلك لأن كل متعدِّد من أعضاء البدن يجبُ في جنسه الدية، وتوزع الدية على عدد ذلك الجنس، ألا تَرَى أن الدية توزَّع على اليدين والرِّجْلين؛ حتى يجب في اليد الواحدة النصفُ، وعلى الأصابع العُشْرُ؛ حتى يجب في إحداها العشر؛ قال الإِمام: هذا مطَّرد إلا أن يقدِّر الشرع بدلَ الواحدِ من ذلك الجنس؛ كما فعل في السن , وفي بعض الجفْنِ الواحدِ قسطُه من الربع، وإنما يجب كمالُ الدية في الأجفان، إذا استُؤْصِلَتْ، وقد يقطع معظم الجفْن، فيتقلَّص الباقي، ويوهم الاستئصال فليحقق، ولا فرق بين الجَفْن الأعلَى والأسفل، وجفنُ الأعمَى كجفن البصير، وكذلك جفن الأعمش، والعَمَش بمنزلة المَرَض فيه، ولا ديةَ في جَفْن المستحشف، وإنما يجب فيه الحكومةُ، ولو ضرب على الجفن، فاستحشف، فعليه الدية، ولا يجيء فيه الخلافُ المذكورُ في استحشاف الأذن؛ لبقاء المنفعة هناك، مع الاستحشاف، وإذا قلع الأجفان مع العينين، وجب دية للأجفان (١)، وأخرى للعينين.

الثانية: إزالة الأهداب وسائر الشعور؛ كشعر الرأس واللحية؛ بالحلق وغيره من غير إفساد المَنْبِتِ: لا يوجب إلا التعزير (٢)، فإن أفسد منبتها، فعليه الحكومة؛ لأن الفائت (٣) بتلفها الزينةُ والجمالُ، دون المقاصد الأصلية، وبهذا قال مالك وأحمد.

وقال أبو حنيفة: تجب الدية بكمالها في أربعةِ من الشُّعُور، وهي: الأهداب، والحاجبانِ وشَعْرُ الرأْس واللِّحية، فإنْ لم يكُنْ على الأجفان أهدابٌ، فالواجب بقطعها الديةُ؛ عَلَى ما تبيَّن، وإن قطعت وعليها الأهْدَابُ فهلْ يجب مع الدية حكومةُ الأهداب في دية الأجفان؟ فيه وجهان:

أحدُهما: أنه تجب الحكومة مع الدية؛ لأن فيها جمالاً وفائدةً زائدةً، وهي أنها


(١) في ز: الأجفان.
(٢) ما جزم به من إيجاب التعزير فقط محله إذا كان فيما لا يؤلم كالقص يؤلم كالنتف فوجهان في الحاوي.
(٣) في ز: الغالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>