للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلُ الخبْرة: إن العارض الذي حَدَث لا يزول، أما إذا توقَّعوا الزوال، [أو قال أهل الخبرةِ: إنَّ العارِضِ الذي حَدَثَ يزُولُ، فيتوقَّف] (١) في الدية، فإن مات قبل الاستقامة، ففي الدية وجهان؛ كما إذا قلع سنَّ مثغور، فمات قبل أن تعود (٢).

ثم في الفصل مسألتان:

إحداهما: يُنْظَر في الجناية الَّتي ذهب بها العَقْل، إن لم يكن لها أرش، كما لو ضرب رأسه، أو لطمه، فزال عقله، فعليه ديةُ العَقْل، وإن كان لها أرشٌ؛ إما مقدَّر كالموضِّحة، وقطْعِ اليدِ، والرِّجل، وإما غير مقدَّر؛ كالجراحات الموجبة للحكومات، ففيه قولان:

القديم (٣)، وبه قال أبو حنيفة: أنه يدخلُ الأقل في الأكثر، فإن كانت ديةُ العقلِ أكثر؛ كما لو أوضح رأسه، فزال عقله، دخَلَ فيها أرشُ الموضِّحة، وإن كان أرشُ الجنايةِ أكثرَ؛ كما إذا قطع يديه مع بعض الذراعِ، أو يدَيْه ورجلَيْه، فزال عقله -يدخل فيه ديةُ العَقل؛ ووجّه بأن العقل يشبه الرُّوحَ؛ من حيث إنَّ زواله يشبهُ زوال الروح في زوال التكليفِ، ويشبه فواتَ منفعة البَصَر؛ من حيثُ إنه يبقى الجمالُ في صورة الأعضاء مع زواله؛ كما يبقى الجمال (٤) في الحَدَقة بَعْد [زوال الضوء، فلشبهة بالرُّوح يدخل أرْش الجناية في دِيَتِهِ، إذا كان الأرش أقلَّ، ولشَبَهِهِ بالضوء] (٥) لا يجمع بين بَدَله وبَيْن أرش الجناية على الجرم، كما لا يجمع بين دية الضوء وأرش العَيْن القائمة، وإن كان تفويتُ العين القائمة لا (٦) يوجبُ حكومةَ، بل يدخل الأقل في الأكثَرِ، والجديدُ الأصحُّ، وبه قال مالك وأحمد: أنه لا يدخلُ واحدٌ منهما في الآخر، بل يجب أرش الجناية ودية العقل جميعًا؛ لأنها جنايةٌ، أبطلت منفعةً غير حالَّة في محل الجناية؛ فصار كما لو أوضَحَه، فذهب سمعه أو بصره، لا يدخل أرش الموضِّحة في دية السمع والبصر، ولا بالعكس، فعلى هذا لو قطع يدَيْه ورجلَيْه، فزال عقله، وجبت ثلاثُ ديات، وعلى الأول لا يلزم إلا ديتان، هذا هو المشهُور من كيفية الخلافِ في المسألة، ووراءه شيئان:

أحدهما: في المهذَّب وغيره؛ أنه إن كان أرشُ الجناية مثلَ الدية، أو أكثرَ،


(١) سقط في ز.
(٢) الصواب سن غير مثغور، وعبارة التتمة: سن من لم يثغر وكمل ما وقع الشيخ تبعًا لأصله على سبق القلم.
(٣) ليس قديمًا محضاً فله في الجديد قول يوافقه وعزي لنص الأم.
(٤) في أجمال.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>