للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي إسْحَاق (١) وليعلم قوله في الكتاب: "بشَرْط سلاَمة العاقبة"؛ لما بيَّنا من الخلاف فيه.

قال الغَزَالِيُّ: وَكَذَا إِشْرَاعُ الأَجْنِحَةِ جائِزٌ بِشَرْطِ السَّلاَمَةِ بِخَلاَفِ مَا لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكهِ فَسَقَطَ جِدَارُ دَارِهِ فَلا ضَمَانِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حَرَجًا عَلَى المُلَّاكِ إِلاَّ أَنْ يُقَصِّرَ بِمُخَالَفَةِ العَادَةِ فِي سَعَةِ البِئْرِ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ أَوْقَدَ نَارًا عَلَى السَّطْحِ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ ضَمِنَ عَهْدَةَ الشَّرارِ، وَلَوْ عَصَفَة الرِّيحُ بَغْتَةَ فَلاَ، وَلَوْ سَقَطَ مِيزَابُهُ عَلَى رَأسِ إِنْسَانٍ فَإن كانَ السَّاقِطُ القَدْرَ البَارِزَ ضِمَنَ (و) كَالجَنَاحِ، وإنْ سَقَطَ الكُلُّ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّهُ مِنْ حَاجَةِ المُلْكِ بِخَلاَفِ الجَنَاحِ، وَضَمِنَ النِّصْفَ بِإزَاءِ البَارِزِ عَلَى وَجْهٍ، وَضَمِنَ ما يَقْتَضِيهِ وَزْنُ البَارِزِ عَلَى وَجْهٍ إِذَا قِيسَ بِوَزْنِ الدَّاخِلِ، وَإِذَا مَالَ الجِدَارُ إِلَى الشَّارعِ بِأَنْ بَنَاهُ مَائِلًا فَهوَ كَالقَابُولِ، وَإِنْ مَالَ فِي الدَّوَام فَلَمْ يَتَدارَكُ مَعَ الإِمْكَانِ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ، وَأَمَّا قِمَامَاتُ البُيُوتِ وَقُشُورُ البَطِيخِ إِذَا تَعَثَّرَ بِهَا إِنْسانٌ فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى المُلْقي وَجْهَانِ كَمَا فِي الْمِيزَابِ لِأَنَّ طَرْحَ الْقِمَاماتِ لِمَرَافِقِ الأمْلاَكِ، وَرَشَّ المَاءِ إِذا لَمْ يَكُنْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَةٍ فَهُوَ سَبَبُ ضَمَانٍ فِي حَقِّ مَنْ تَزَلَّقَ وَلَمْ يَرَ مَوْضِعَ الرَّشِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسائل تتعلَّق بالتصرُّف بالشوارع وتصرّف الإنسان في ملك نفسه، وبيان أحكامها وآثارها، والقولُ في التصرُّف في الشارع منه ما مَرَّ في الصُّلْح، وفي باب (٢) إحياء الموات، ومنه ما جَرَت العادةُ بذكره هاهنا:

المسألة الأُولَى: لا يجوز اشراع الأجنحةِ التي تضرُّ بالمارَّة إلى الشارع، ولو فعل، منع، وما يتولَّد منه من هلاك، فهو مضمون، وإن كان الجناحُ عاليًا غير مضرٍّ، فلا منع من إشراعه، وكذا بناءُ السَّابَاطِ العالي، لكن لو تولَّد منه هلاكُ إنسان، فهو مضمونٌ بالدية على العاقلة، وإن هَلَكَ به مالٌ، وجب الضمان في ماله، ووجَّهوا ذلك بأنَّ الارتفاق بالشارع إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة، ولم يفرقوا هاهنا بين أن يأذن الإِمام، أو لا يأذن؛ كما فعلوا فيما إذا حفر البئر؛ لغرضِ نفسه، واتفقوا على وجوب الضمان، إن لم يأْذَنِ الإِمام، واختلفوا فيه إذا أَذِنَ، فيجوز أن يكونَ الحكْمُ في إشراع


(١) قال النووي في زوائده: قال البغوي: ومثل هذا لو وضع دنًا على بابه ليشرب الناس منه، فإن وضعه بإذن الإِمام، لم يضمن ما تلف به، وإلا فوجهان، يعني أصحهما لا ضمان بخلاف ما لو بني دكة على باب داره فهلك بها شيء، فإنه يضمن؛ لأنه فعله لمصلحة نفسه. والله أعلم. وهذا صرح به الشيخ إبراهيم المروذي في تعليقه أيضًا.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>