للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجناح كذلك، ويجوزُ أن يقال: يجب الضمانُ هاهنا على الإِطلاق، ويفرَّق بأن الحاجة إلى الجناح أغلبُ وأكثرُ، والحفْر في الطريق مما تقلُّ الحاجة إليه، وإذا أكثر الجَنَاح، أكثر تولُّد الهلاك منه، فلا يحتمل إِهداره، ولو أشرع جناحًا إلى سكَّة منْسدَّة بغير إذن أهلها، ضمن ما يتولَّد منه، وبإذن أهلها لا يقتضي الضمان؛ كالحفر في دار الغير بإذنه.

الثانية: يتصرَّف كلُّ واحد في ملكه بالمعروف، ولا ضمانَ فيما يتولَّد منه؛ بخلافِ إشراع الجناحِ؛ حيث كان ما (١) يتولَّد منه مضمونًا؛ لأن إشراع الجناح (٢) لا ضرورة إليه، ولا يَرْغبُ فيه كلُّ أحد، والتصرف في نفس الملك، لو قُيِّد بشرط السلامةِ، لأورث حرجًا عظيمًا، ولا يجرُّ ذلك إلى إبطال فائدةِ المِلْكِ، فلم يقيِّده به، ولكن بشرْطِ جريانه على الاعتيادِ، والتحرُّز عما يعد إسرافًا وإهلاكًا، فلو وضع حجرًا في ملكه، أو نصب شبكة، أو سِكِّينًا، وتعثَّر به إِنسان، فهلَكَ، أو وقف (٣) على طرف سطْحه، فوقع على إِنْسَان، أو مال أو وضع عليه جرَّة ماء، فألقتها الريحُ أو ابتلَّ موضعها، فسقطتْ، فلا ضمان (٤)، وكذا لو أوقف دابَّة في ملكه، فرمحتْ إنسانًا، أو بالت (٥) وأفسدتْ بالرَّشَاش ثوبًا أو غيره خارجَ الملكِ، أو كان يكسر الحطَب في ملكه، فأصاب شيء منْه عيْنَ إنسانٍ، فأبطل ضوءَها، وكذا لو حفر بئرًا في ملكه، فتندَّى جدارُ الجارِ وانْهَدَمَ، أو غار ماءُ بئره، أو حفر بالوعةً، فتغيَّر ماءُ بئرِ الجار -لا شيء عليه (٦)؛ لأن المُلَّاك لا يستغنون عن مثل ذلك، نَعَمْ، لو قصَّر، فخالف العادةَ في سعة البئر، ضَمِن، فإنه إهلاك، وليكنْ كذلك إذا قرب الحفر من الجدار عَلَى خلاف العَادَةِ، ويمنع من طرح السِّرْقِينِ في أصْلِ الحائِطِ، ولو أوقد نارًا في مِلْكه، أو على سَطْحه، فطار الشَّرَر إلى ملْك الغير، فلا ضمان إلا أن يخالِفَ العادَةَ في قدْر النارِ الموقَدَة، أو يوقد في يوم ريحٍ عاصفةٍ، فيكون ذلك كطَرْح النَّار في دار الغير، فإن عصفت [الريحُ] بغتةً، بعْد ما أوقد، فهو معذُورٌ، ولو سقَى أرضه، فخرج الماءُ من جُحْر فأرةٍ، أو شق إلى أرض غيره، وأفسد زرعه، فلا ضمان إلاَّ أن يجاوز العادَةَ (٧) في قَدْر الماء، أو كان


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ز.
(٤) هكذا أطلق، وفي الحاوي والبحر: لو نام على طرف السطح فانتقل إلى الطريق على رجل فقتله فإن كان لعيب في الحائط انهار من تحته فلا يضمن وإن كان لنقلته في نومه يضمن لأنه سقط بفعله ويكون خطأ على عاقلته وقياسه في مسألتنا التفصيل.
(٥) سقط في ز.
(٦) قال الشيخ البلقيني: هذا مقيد بما إذا كان ذلك مع الإحكام والاحتياط بالذي لا يحصل ما ذكر إلا على ندور.
(٧) سكت عما إذا شككنا في أنه هل جاوز العادة أم لا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>