للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومات- فالوجه الأظهرُ: أن الضمان يتعلَّق بهم أثلاثًا، وإن تفاوت فِعْلُهُمْ؛ كما لو مات بجراحةِ ثلاثةٍ، واختلفت الجراحاتُ، وفي "التهذيب" وجه؛ أنه يتعلَّق نصف الضمان بالمنْفَرِد، ونصفه بالآخرين.

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ تَعَثَّرَ بِحَجَرٍ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِهِ، وَلَوْ تَعَثَّرَ بِقَاعِدٍ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَاعِدِ، وَلَوْ تَعَثَّرَ بِواقِفٍ فَالمَاشِي مُهْدَرٌ وَضَمَانُ الوَاقِفِ عَلَى المَاشِي لِأَنَّ الوُقُوفَ مِنْ مَرَافِقِ المَشْيِ دُونَ القُعُودِ، وَقِيلَ في المَسْأَلَتَيْنِ قَوْلاَنِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صورتان:

إحداهما: وضْعُ الحَجَرِ كحَفْر البئرِ؛ يتعلَّق الضمان به، إذا تعثَّر به من لم يره؛ عَلَى ما مَرَّ، ولو وضع حَجَرًا في الطريق، فتعثَّر به إنسانٌ ودحْرَجة، ثم تعثَّر به آخر وهلك، فضمان الثانِي يتعلَّق بالمُدَحْرِجِ؛ لأن الحجر في ذلك الموضع، إنما حَصَل بفعله.

الثانية: من قعد في موضع، أو نام، أو وقَفَ، فتعثَّر به ماشٍ، وماتا، أو أحدُهُما، نُظِرَ؛ إن كان ذلك في مِلْكه، ودخله الماشي من غير إذْنٍ، فهو مُهْدَر؛ لأنه قتل نفْسَه، وعلى عاقلته ديةُ القاعدِ، أو الواقفُ، وكذا الحكم لو قَعَدَ أو وَقَفَ في مَوَاتٍ، أو طريقٍ واسع لا يتضرَّر به المارَّة، ولا فرق بين أن يكون القاعدُ أو الواقفُ بصيرًا أو أعمَى، كما لو قصد قتل من يمكنه الاحتراز (١) منْهُ، فلم يحترز حتَّى قتله، وإن قعد أو وقَفَ في طريقٍ ضيِّقٍ يتضرَّر به المارَّة، واتفق ما صوَّرناه، فالأصحاب فريقانِ، قال أكثرهم، وتابَعَهُم صاحبُ الكتاب: النَّصُّ فيما إذا تعثر الماشي بالقاعدِ أو النائم؛ أن دَمَ القاعدِ والنائم مُهْدَر، وعلى عاقلتهما ديةُ الماشي، والنصُّ فيما إذا كان التعثّر بالواقف، وماتا؛ أنه يُهْدَر دمُ الماشِي (٢)، ويجبُ دية الواقِفِ على عاقلته، وفيهما طريقان:

أحدهما: التصرُّف في النصَّيْن، وجعل الصورتين عَلَى قولَيْن بالنقل والتخريج:

أحدهما: أنه يُهْدَرُ دم الواقفِ، والقاعدِ، والنَّائم، ويجب ديةُ الماشِي على عاقلة هَؤُلاء؛ لأن الطريق للطروق، وهم بالوقوفِ والقعودِ والنَّوْم مقصِّرون، فينزل فعْلُهم منزلةَ وضْع الحَجَر في مثل هذا الطَّريق.


(١) في ز: الأخيران.
(٢) ما جزم به من أن الماشي مهدر وعلى عاقلته دية القاعد والواقف لأن الماشي بحركته هو الذي يلي نفسه ويلي غيره وعلى هذا فالنائم حكمه حكم القاعد ليس كذلك فيه خلاف ذكره القاضي الحسين. فإنه نقل التضمين وذكر فيها الطريقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>