للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَاقِلَةَ له؛ لأنه لا يورث منه، فإذا قتل إنْسَاناً خَطَأً، تجب الدِّيَةُ في ماله مُؤَجَّلَةً، فإن مات سَقَطَ الأَجَلُ، [والله أعلم].

ويجوز أن يُعْلَمَ. قوله في الكتاب: "وإن كان ذِمِّيّاً رجعنا إلى الجَاني" بالواو؛ لأنه ذكر في "البيان" أنَّه إذا لم يكن له عَاقِلَةٌ، أو بقي شيء بعد التَّوْزِيعِ عليهم، ففي الوجوب في مَالِهِ الخِلاَفُ الذي سيأتي إن شاء الله -تَعَالَى- في المسلم إذا لم يكن له عَاقِلَةٌ خَاصَّةٌ، ولا في بيت المال مَالٌ.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا الصِّفَاتُ، فَلا يُضْرَبُ عَلَى مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وإنْ كَانَتْ مُعْتقَةً، وَلاَ عَلَى مُخَالِفٍ فِي الدِّينِ فَلاَ يَحْمِلُ مُسْلِمٌ مِنَ الذِّمِّيِّ وَلاَ الذِّمِّيِّ مِنَ المُسْلِمِ، وَفِي تَحَمُّلِ اليَهُودِيِّ مِنَ النَّصْرَانِيِّ قَوْلاَنِ، وَالحَرْبِيُّ لاَ يَتَحَمَّلُ، وَالمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ إِذَا لَمْ يَنْصَرِمْ عَهْدُهُ قَبْلَ مُضِيِّ أجَلِ الضَّرْبِ، وَلاَ يُضْرَبُ عَلَى فَقِير وَإِنْ كَانَ مُعْتمِلاً، وَيُضْرَبُ علَى الغَنِيِّ نِصْفُ (ح م) دِينَار وَهُوَ الَّذي مَلَكَ عِشْرِينَ دِينَاراً بَعْدَ المَسْكَنِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَعَلَى المُتَوَسِّطِ الرُّبُعُ وَهُوَ الَّذِي يَمْلكُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَلَكَ مَا فَضُلَ عَنْ حَاجَتِهِ، وَيُنْظَرُ إِلَى اليَسَارِ فِي آخِرِ السَّنَةِ فلَوْ طَرَأَ اليَسَارُ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدِهَا فَلَا التِفَاتَ إِلَيْهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فرغنا من أحد الفصلين، وهو الكلام في جِهَاتِ التَّحَمُّلِ، والفصل الآخر من صفات المُتَحَمِّلِينَ، وهي خمس:

إحداها: التكليف، فلا تُضْرَبُ الدِّيَةُ على صَبِيٍّ، ولا مجنون، ولا مَعْتُوهٍ، وإن كانوا مُوسِرِينَ.

والثانية: الذُّكُورَةُ، فلا تُضرَبُ على امْرَأَةٍ؛ لأنه ليست (١) لها أهْلِيَّةُ النُّصْرَةِ والمُعَاوَنَةِ، ولا تضرب على خُنْثَى؛ لاحتمال الأُنُوثَةِ، فَإِنْ بَانَ ذَكَراً، فهل يُغَرَّمُ حِصَّتَهُ التي أَدَّاهَا غيره؟ فيه وجهان مَرْوِيَّانِ في "التهذيب" (٢).

والثالثة: المُوَافَقَةُ في الدِّينِ، فلا يَتَحَمَّلُ المسلم عن قريبه الذمي (٣)، ولا بالعَكْسِ لانقطاع المُوَالاَة والمُنَاصَرَةِ بينهما، ولذلك لم يَتَوَارَثَا.

وهل يتحمل اليَهُودِيُّ عن قَريبِهِ النصراني أَوِ بالعكس؟ ذُكِرَ فيه قولان:

أحدهما: نعم، كلما أنَّه يَرِثُ بعضهم من بعض، وهذا لأن الكُفْرَ كله مِلَّةٌ واحدة.

والثاني: لا لانقطاع المُوَالاَةِ بينهما، ويُحْكَى (٤) هذا عن أبي حَنِيفَةَ، هذا من


(١) في ز: ليس لهؤلاء.
(٢) قال النووي: لعل أصحهما: نعم.
(٣) في ز: قرينة الرمي.
(٤) في ز: وعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>