للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقَبْضِ اليد وبَسْطِهَا، ولا عِبْرَةَ بمجرد الاختلاج فقد يكون ذلك انْتِشَاراً بسبب الخُرُوجِ من المَضِيقِ.

وعن "المنهاج" للجويني حِكَايَةُ قَوْلٍ أنه يكتفي بالاخْتِلاَجِ، والمشهور الأول.

وعن مَالِكٍ أن الاعْتِبَارَ بالاستهلال لا غَيْرَ، وإذا علمت الحياة فلا فَرْقَ بين أن يكون قد انْتَهَى إلى حَرَكَةِ المَذْبُوحِينَ، أو لم يَنْتَهِ إليها، بل بَقِيَ يوماً ويومين، ثم مَاتَ؛ لأنا تَيَقَّنَّا الحَيَاةَ في الحالتين (١) وقد وردن الجِنَايَةُ عليه، والظاهر أنه هَلَكَ بالجِنَايَةِ، [وكذا] (٢) ولا فَرْقَ بين أن يَنْفَصِلَ لوقت يتوقّع أن يعيش، أو لوفقت لا يتوقَّعُ أن يعيش، بأن انْفَصَلَ لدون سِتَّةِ أشهر (٣).

وقال المزني: إن لم يتوقَّعْ أن يعيش أو كان انتهى إلى حركة المذبوح، ففيه الغُرَّةُ دون الدِّيَةِ، ولم تكمل فيه الدية؛ لأن الجِنَايَةَ -والصورة هذه- منع من الحياة لا قَطْعَ لها. وفي "التتمة" حكايته وَجْهٍ مثله عنه فيما إذا كان قد انْتَهَى إلى حَرَكَةِ المَذْبُوحِينَ، ولو قتل قَاتِلٌ مثل هذا الجَنِينِ بعد ما انْفَصَلَ، فإن انْفَصَلَ لا بجناية جَانٍ، فعلى القاتل القِصَاصُ، كما لو قتل مَرِيضاً مُشْرِفاً على الوَفَاةِ.

وإن انْفَصَلَ بجناية جَانٍ، فإن كانت فيه حَيَاةٌ مسْتَقِرَّةٌ، فكذلك، وإلا فلا شَيْءَ على الثاني، والقَاتِلُ الأول، وقد قَدَّمْنَا الفَرْقُ بين أن ينتهي إلى حَرَكَةِ المذبوحين (٤) بِجِنَايَةٍ، وبين أن ينتهي لا بِجِنَايَةٍ.

ولو انفصل منها بعد ما مَاتَتِ الأُمُّ من الضرب وَجَبَتِ الغُرَّةُ، كما لو انْفَصَلَ في حياتها؛ لأنه شَخْصٌ مستقل، فلا يدخل ضَمَانُهُ في ضمانها.

وعن أبي حَنِيْفَةَ ومالك: أنه لا تجب الغُرَّةُ إذا انفصل بعد مَوْتِ الأُمِّ. ولا فَرْقَ في وجوب الغُرَّةِ بين أن يكون الجَنِينُ ذَكَراً أو أُنْثَى، أو لا يعرف حاله؛ لأن الأَخْبَارَ الوَارِدَةَ في الغُرَّةِ مُطْلَقَةَ، وأيضاً فإنا لا نَعْتَبِرُ الحياة في وجوب الغُرَّةِ، وإذا لم نعتبر الحَيَاةَ، فَأَوْلَى ألا نعتبر الذُّكُورَةَ والأنوثة؛ لأن الذي يختلف بالحَيَاةِ والموت أَصْلُ الوُجُوبِ، والذي يختلف بالذُّكُورَةِ والأُنُوثَةِ مِقْدَارُ الوَاجِبِ، وكذا لا فَرْقَ بين ثابت النَّسَبِ وغيره، وبين تَامِّ الأَعْضَاءِ ونَاقِصِهَا.

ولو اشْتَرَكَ اثنان في الضَّرْبِ، فالغُرَّةُ بينهما.


(١) في ز: وورود.
(٢) سقط في ز.
(٣) وما ذكره من القود فيمن لم يبلغ ستة أشهر وإن انتهى إلى حركة المذبوح تبع فيه الإِمام وغيره لكن نص الشَّافعي في الأم على المنع وجرى عليه صاحب التلخيص والماوردي في الحاوي.
(٤) في ز: المذبوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>