للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستمائة دِرْهَمٍ، فيكون في جَنِين اليَهُوديِّ والنَّصْرَانِيِّ بَعِيرٌ وثلثا بعير، أو ستة عشر دِيناراً وثلثان، أو مائتا درهم.

وعلى هذا ففي الجنين المَجُوسِيِّ ثُلُثُ عشر الواجب في الجنين المُسْلِمِ، وهو ثلث بَعِيرٍ أو ثلاثة دَنَانِيرَ وثلث، أو أَربَعونَ دِرْهَماً، ثم عن بعضهم أنه يؤخذ هذا القَدُرُ من الدِّيَةِ، ويدفع إلى المُسْتحقِّ من غير أن يصرف إلى الغُرَّةِ، وحَكَاهُ في "البيان" عن المَسْعُودِيِّ. وإيراد آخرين يُشْعِرُ بأنه يدْفَعُ إليه هذا القَدْرُ، أو غُرَّة بقيمة هذا القَدْرِ.

والأصح: أنه يشتري به الغُرَّة، وتُدْفَعُ إليه إلاَّ ألاَّ توجد غُزَّةٌ بهذه القيمة، فَيُعْدَلُ حينئذ إلى الإِبِلِ، أو الدراهم، وهذا ما يُحْكَى عن النص، ولو كان أَحَدُ أبَوَيِ الجَنِينِ يَهُودِيّاً أو نَصْرَانِياً، والآَخَرُ مَجُوسِيّاً، فالظاهر المَنْسُوبُ إلى النَّصِّ أنه يَجِبُ فيه ما يَجِبُ في الِجَنِين اليَهُودِيِّ والنصراني؛ لأنَّ الضَّمَانَ يغلب فيه طَرَفُ التَّغْلِيظِ، ألاَ تَرَى أنه إذا كان أْحَدُ أَبوي الجنين (١) مُسْلِماً تَجِبُ فيه ما يَجِبُ إذا كان الأَبوَانِ مُسْلِمَينِ، والمُتَوَلِّدُ الصَّيْدِ وغير الصيد يَضْمَنُهُ المُحْرِمُ بالجَزَاءِ.

وفيه قول مُخَرَّجْ أن الاعْتِبَارَ بالأب. ووجه عن أبي الطَّيِّب بن سلمة أن الاعتبار بِشَرِّ (٢) الأبوين؛ لأن الأَصْلَ بَرَاءَة الذِّمَّةِ عن الزِّيَادَةِ. والقول والوجه مَأْخُوذَانِ من الخِلاَفِ في أن المسلم هل يَنْكِحُ المُتَوَلِّدَةَ من أبوين كِتَابِيٌّ ومَجُوسِيٍّ؟

ولو كان أَحَدُ الأبوين ذِمِّيّاً، والآخر وَثَنِيّاً لا أَمَانَ له، فعلى الأَظْهَرِ يجب ما يَجِبُ في الذي أَبَوَاهُ ذِمِّيَّانِ، وعلى الثاني ينظر إلى جانب الأَبِ، وعلى الثالث لا يَجِبُ شَيْءٌ، والجنين المُتَوَلِّدُ من مستأمنين كجنين الذميين. ولو اشترك مسلم وذمي في وَطْءِ ذِمِّيَّةٍ بشبهة، فأُحْبِلَتْ وأَجْهَضَتِ الجَنِينَ بجِنَايَةِ جَانٍ، يُرَى الجَنِينُ القَائِفَ، فإن أَلْحَقَهُ بالذمي، وَجَبَ ما يجب في جنين الذِّمِّيِّ، وإن أَلْحَقَهُ بالمسلم، وجبت الغُرَّةُ الكاملة، وإن أشكل الأمْرُ أخذ الأَقَلْ، ووقف إلى أن يَنْكَشِفَ الأَمْرُ أو يَصْطَلِحُوا.

قال في "البيان": ولا يجوز أن يَصْطَلِحَ الذِّمِّيُّ والذمية في قَدْرِ الثلث منه؛ لجواز أن يكون الجميع للمسلم لا حَقَّ لهما فيه، ولا يخرج اسْتِحْقَاقه من بينهما (٣).

والمسألة مُفَرَّعَةٌ على أن المَوْلُودَ يُعْرَضُ بعد الموت على القَائِفِ، وهو الصحيح، ولو جَنَى على مُرْتدَّةٍ حُبْلَى، فَأجْهَضَتْ، نظر إن ارْتَدَّتْ بعد الحَبَلِ، وجبت الغُرَّةُ الكاملة؛ لأن الجنين مَحْكُومٌ له بالإِسلام، لا يتبعها في الرِّدَّةِ.


(١) في ز: الأبوين.
(٢) في ز: بشراء.
(٣) في ز: شبهمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>