للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: هذا.

والثاني: أن الاعتبار بحالة الشهادة، ولا أثر لما طرأ، وشبَّهه بالخلاف في "مسألة الإقرار للوارث" في أن الاعتبار بحالة الإقرار أعم بحالة الموت.

ومثاله: أن يقر لأخيه، وله ابنٌ، فيموت أولاً ابن له، فيولد، ولو شَهِدَ، وَهُمَا وارثان في ظاهر الحال، ثم وُلِدَ له ابنٌ، فالشهادة مردودةٌ للتُّهْمَةِ عند آدائها، وطردت الطريقة الأخرَى حتى إذا اعتبرْنا بالمال، فإذا خرَجَ عن كَوْنه وارثاً، تبيَّن كون الشهادة مقبولةً، وكأنَّا نتوقَّف في الشهادة إلى أن يتبين آخر الأمر، ولو شهد وارثان على جَرْحِ الموروث (١)، فَبَرِئَ المجروح، فظاهر المذْهَب أنه لا يثبت الجرح؛ لقيام التهمة حال أداء الشهادة.

وعن صاحب "الإفصاح" وغيره حكايةُ وجْهٍ أنه يثبت بناءً على أن الشهادة موقوفةٌ، كما أن عَطَايَاهُ في المرض موقوفةٌ، ومما عُدَّ من صُوَر دفْعِ الضرر؛ أن تقوم البينةُ على القَتْل الخطأ، فشهد اثنان من العاقلة الَّذين يتحمَّلون الدية عَلى فِسْق بينة القتل، فلا تقبل شهادتهما (٢)؛ لأنهما متهمان برفْع التحمُّل عن نفسهما، وهذا أيضاً معادٌ في "الشهادات". ولو كان الشاهدان من فقراء العاقلة الذين لا يتحمَّلون، فالنصُّ أن شهادتهما لا تُقْبل أيضاً، وإن كانا من الأباعد، وفي عدد الأقربين وفاءٌ بالواجب، فالنصُّ قَبُولُ شهادتهما، وفي الصورتَيْن طريقان:

أحدهما: أن فيهما قولَيْن نقلاً (٣) وتخريجاً.

وجْه القَبُول: أنهما لا يتحمَّلان في الصورتين شيئاً [فليس] وليس الموضِعُ موضِعَ التهمة.

ووجه المنْع: أن الفقير يتحمَّل لو أيسر والبعيد يتحمل، لو مات القريب، فهما مُتَّهَمَان بدفْع ضرَرٍ متوقَّع.

والثاني: تقرير النصين، والفرْق أن المال غادٍ ورائح، والغنيُّ غير مستبعد، بل كلُّ يحدِّث نفسه به، ويتمنى الأماني، وموتُ القريب الذي يُخْرِج الأبعد إلى التحمُّل كالمستبد في الاعتقادات، والتهمةُ لا تتحقَّق بمثله، وقد سبق ما يَقْرُب من هذا المعْنَى في "الإيلاء"، ورجَّح الإِمام طريقةَ القولَيْن معترضاً على الثانية بأن البَعِيدَ كما يلزمه التحمُّل بموت الأقربين، يلزمه (٤) التحمُّل بافتقارهم وحاجتهم، ولَئِنِ استبعد الموت،


(١) في ز: المورث.
(٢) في ز: بينهما ديتهما.
(٣) في أ: نصاً.
(٤) في ز: ملزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>