للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتل على المشهود عليهما، وإن صدَّق الآخرَيْن أو صدَّقهِم جميعاً، انعزل عن الوَكَالَة، [ثم] (١) إن صدَّق الموكلُ الأولَيْن، ثبت القتل على الآخرَيْن، وإن صدَّق الآخرين، جاز، وله الدعوى على الأولَيْن إذا لم يتقدَّم ما يناقض ذلك، لكن لا تُقْبَلُ شهادة الآخرين للتهمة بسبب الدفعِ والعداوة، والمبادرةِ قبل الدعوى والاستشهاد.

ثم هاهنا فائدتان:

إحداهما: عن صاحب "التقريب" تفريعاً على قبول الشهادة قبل تقديم الدعوَى: ذكر وجهين فيما إذا ابتدر أربعةٌ إلى مجْلس القاضي، وشَهِدَ اثْنان منْهم على الآخَرَيْن؛ أنهما قتَلا فلاناً، وشهد الآخران على الأولَيْن أنهما القاتلان.

أحدهما: بُطلانَ الشهادتين لتضادَّهما وتصادُمِهِما.

والثاني: أنا نُرَاجع الوليَّ، فإن لم يصدِّقْهم بَطَلت (٢) الشهادات، وإن صدَّق اثنين، تأيَّدت، شهادتهما بالتصديق، فتبطل شهادةُ الآخَرَيْن، وبه تصح شهادة المصدَّقَيْن، فيقضي بها. وفيه وجه آخر أنه يعمل بشهادة الأولَيْن، وتردُّ شهادة الآخَرَيْن؛ لأنهما دافعان وعدوَّان، وإذا فرَّعنا على أنه لا تُقْبَل الشهادة قبل [تقديم] الدعوَى، فلو ادعَى المدعي، وأعاد المبادر الشهادة هل تقبل شهادته فيه خلاف يُذْكر في "الشهادات".

الثانية: ردُّ الشهادة في المسألة لا لتهمة دفع الضرر ظاهرٌ، وقد نصَّ الشافعيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- على التعليل بها، وأما الردُّ للعداوة، فقد قال الإمامُ: العداوة التي تُردُّ بها الشهادةُ لا تثبت بهذا [القدر] (٣)، وموضِع ضَبْط العداوة التي توجِبُ ردُّ الشهادة بابها.

وفي الفصْل بعد هذا صورتان:

إحْداهما: إذا شهدَ رجلان على رجلَيْن بالقتل، فشهد المشهودُ عليهما على أجنبيِّ بذلك القتل، أو على أجنبيين (٤) فصاعداً، فالنظر في كون الشهادة واقعةً بعد [تقديم] الدعوَى أو قبله، وفي تصديق الوليِّ الصنفين أو أحدهما على ما مرَّ، ولو كان المدعي وكيلَ الوليِّ، ولم يكن الوليُّ قد عين أحداً، ثم إنَّه صدَّق الآخرَيْن، كان له أن يدعِيَ على الأولَيْن؛ لأنه لم يسبِقْ منه ما يناقضه، ولا تُقْبل شهادة الآخريْن، لأنهما مُتَّهَمان بالدَّفْعِ عن أنفسهما.

وعن أبي بكر الصيدلانيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أنه يُحْتمل ألاَّ يكونا (٥) متهمين؛


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: لطلب.
(٣) في أ: المقدار.
(٤) في ز: أجنبي.
(٥) في ز: يجعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>