للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"التتمة" والرويانيِّ وغيرهم، وقالوا: الاعتبار بما يُتوقَّع، ويُخَاف، كما إذا خيف اجتماعهم وخروجهم ولم يفْعَلوا بعْدُ، لا يجوز التعرُّض لهم.

والثاني: يتبع؛ ليندفع الشرُّ، وبهذا قال أبو حنيفة، واختاره أبو إسحاق، وإيرادُ صاحب "التهذيب" يُشْعِر بترجيحه، وربما أُطْلِقَ الوجهان مِنْ غير فصل بين أن تكون الفئة قريبةً أو بعيدةً، وأجْرِيَ الوجهان فيما إذا بطَلتِ شوكةُ الجنْدِ في الحال، ولم يُؤْمَنْ مِنْ غائلة (١) اجتماعهم [في المآل، وموضع وفاقِ الأَصْحاب مَا إذا لم يُتوقَّع اجتماعهم] (٢).

ومنْها: لا يُقْتل المثخن منْهم، ولا أسيرهم، وعن أبي حنيفة: أنه يجوز قتْلهما صبراً، ثم مِنهم مَنْ يطْلِق الرواية، ومنْهم مَنْ يقيده بحالةِ قيامِ الحَرْب.

لنا: ما سبق من الخبر.

وإذا قتل رجُلٌ مِنْ أهل العدل أسيرهم عمداً، ففي وجوب القصاص وجهان مذكوران في "البيان": في وجْهٍ نعم؛ لأنه صار بالأَمْر محقُونِ الدم، كما لو رجع إلى الطاعة، وفي وجْه: لا، ويصير خلاف أبي حنيفة شبهةً، ولا يطْلَقَ الأسير قبل انقضاء الحرْب، إلا أن يبايع الإِمام، ويرجع إلى الطاعة باختياره، فيُخلَّى (٣) وإذا انقضت الحرب وجموعُهم باقيةٌ، فكذلك الحكم لا يُطلقَ، إلا أن يبايع، وإن بَذَلوا الطاعة أو تفرَّقت جموعهم، وأُمِنَ عودهم، أُطْلِقَ، وإن تُوُقَّع عودُهم، ففي الإطلاق الوجهان السابقان، وينبغي أن يُعْرَض على أسراهم بيعةُ الإِمام، هذا حكْم الأسرى الذين هم من أهل القتال، وأما (٤) النساء والذَّراري [والولدانُ] (٥)، إذا وقعوا في الأسر والضبْطِ، فيحبَسُون إلى انقضاء القتال، ثم يخلَّى سبيلهم؛ لأنه لا يؤخَذُ عليهم الطاعة والبيعة على الجِهَاد، هذا هو الظاهر ووراءه وجهان:

أحدهما؛ عن أبي إسحاق: أن الإِمام إذا رأَى في إطلاقهم قوة أهْلِ البغْيِ، أو أن حبسهم يردُّهم إلى الطاعة ويدعوهم إلى الرجوع إلى الحقِّ، فله أن يحبسهمَ إلى أن يَرجِعُوا إلى الطاعة.

والثاني؛ عن بعْض الأصحاب: أن له حبْسَهم مطلقاً، كسراً لقلوب أهل البغْي، وعلى هذا، فوَقْتُ تخليتهم وقْتُ تخلية الرجال، نقل الوجهَيْن هكذا الرويانيُّ في "جمع الجوامع" وأما العبدُ والمراهِقُون، فقد أطْلَق مطلِقون أن العبد والصبيان كالنساء، وذكر الإِمام والمتولِّي أنه إن كان يجيءْ منهم القتالُ، فهم كالرجال الأقوياء في الحَبْس والإطلاق، وهذا حسن، وكان يمكن [حمل] (٦) إطلاق مَنْ أطلق على ما ذكراه، إلا أنَّ


(١) في ز: عاقلة.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: فيحكى.
(٤) في ز: فأما الفساد.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>