للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كله صاحب التهذيب، [وهو] طريقة ذكرنا في الكتاب (١) أن الإِمام نسَبَها إلى المحقّقين، والمشهور غيرها.

وفي "المنهاج" للإمام الحليمي أنه لا خلاف أن الإيمان ينعقد بغَيْر القول المعْرُوف، وهو كلمة "لا إله إلا الله" حتى لو قال: إلا إله سِوَى الله، أو غيْر الله أو ما عدا الله، فهو كقوله "لا إله إلا الله" [كذا] (٢) ولو قال "ما من إله إلا الله، أو لا إله إلا الرحمن أو لا رحمانَ إلاَّ الله، أو لا إله إلا الباري، أو لا بارئَ إلا الله" وإن قول القائل أحمد أو أبو القاسم (٣) رسولُ الله، كقوله محمَّد رسول الله، وأنه لو قال الكافرُ: آمنت بالله، يُنْظر؛ إن لم يكُنْ على دينٍ من قبْلُ، صار مؤمناً بالله، وإن كان يشركُ بالله غيره، لم يكن مؤمناً حتى يقول: آمنت باللهِ وحْده وكفرت بما كنت أشركُ به، وأن قوله "أسلمت لله (٤)، أو أسلمت وجهي لله كقوله "آمنت بالله" وأنه لو قيل للكافر: أسْلمْ لله أو آمِنْ بالله، فقال أسلمت أو آمَنْتُ، فيحتمل أن يُجْعَل مؤمناً، وأنه لو قال: أُؤمِنُ بالله أو أُسْلِم لله، فهو إيمانٌ كما أن قول القائل "أقسم بالله" يمينٌ، ولا يحمل على الوعد، إلا أن يريده، وأنه لو قال: "الله ربي، أو الله خالقي"، فإن لم يكن له دِينٌ من قبْلُ، فهو إيمانٌ، وإن كان من الذين يقولون بقدم أشياء مع (٥) الله تعالى، لم يكن مؤمناً حتى يقر بأنه لا قديم إلا الله، وكذا الحُكْم، لو قال: "لا خالق إلا الله"؛ لأن القائلين به يقولون: الله تعالى خلَق ما خلَق، لكن من أصل قدِيم، وأنه لو قال اليهوديُّ المشبِّهُ: لا إله إلا الله، لم يكن هذا إيماناً منه حتى يتبرأ من التشبيه، ويُقرَّ بأنه ليْس كمثله شيْء، وإن قال مع ذلك: محمَّد رسول الله، فإن كان يعلم أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- جاء بإبطال التشبيه، كان مؤمناً، وإلا فلا بد وأن يتبرأ من التشبيه، وطرد هذا التفصيل، فيما إذا قال الذي يذهب إلى قِدَم أشياء مع الله تعالى: لا إله إلا الله، محمَّد رسول الله، حتى إذا كانَ يَعْلَم أن محمداً جاء بإبطال ذلك، كان مؤمناً، وأن الثنويَّ، إذا قال: لا إله إلا الله، فإن كان يزعم أن الوثَنَ شريكُ لله تعالى، صار مؤمناً، وإن كان يرى أن الله هو الخالقُ، ويعظم الوَثَن؛ لزعمه أنه يُقَرِّ به إلى الله تعالى، لم يكن مؤمناً، حتى يتبرأ من عبادة الوثن، وأنه لو قال البرهميُّ، وهو يوحِّد الله تعالى، وإنما يكفر بجحد الرسُل: محمَّدٌ رسولُ اللهِ، صار مؤمناً، وإن أقر برسالة نبيٍّ قبله؛ كإبراهيم -عليه السلام- لم يكن مؤمناً [لأن


(١) ثبت في هامش "ب" ما يلي:
ينظر في: "كتاب الكفارات"، فإنه حكى عن الإِمام هذه الطريقة، ونسبها إلى المحقّقين، ثم قال الرافعيُّ، وهي خلاف ظاهر المذْهب من أن الكافر لا يصير مسلماً إلا بالشهادتين.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: القسم.
(٤) في ز: بالله.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>