وأظهرهما: الوجوب، لاتفاقهم على زناه مكرهةً كانت أو مطاوعةً؛ ولذلك يجب عليه المهْر، ولا خلاف أنه لا يجبُ حدُّ القذف على شاهِدِي الإكراه، ولا يجب حدُّ القذف للرجُل، أما إذا حدَدْناه، فظاهر، وأما إذا لم نَحُدِّه؛ فَلأنَّ عددَ الشهود على زناه قَدْ تَمَّ، وإنما ردَدْنا الشهادة؛ لأمرٍ مجتَهَدٍ، [والله أعلم].
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الكلام في الاستيفاء في فصْلَيْن.
أحدهما: في كيفيته.
والثاني: في مباشرته.
أما الأول: ففيه صور:
منها: إقامة الحدِّ على الأحرار إلى الإِمام أو مَنْ فَوَّضَ إليه الإمامُ، وإذا أمر باستيفائه، جاز للمفوَّض إليه استيفاؤُه، ولا يجِبُ حضورُ الإِمام في الرجْم، سواءٌ ثبت الزنا بالبينة أو بالإقرار، ولا حضُورُ الشهود، إذا ثبت بالبينة، ولكن يستحبُّ حضورهم وبدايتهم بالرمْي.
وعند أبي حنيفة: يجب حضورُ الإمام، وَيبْدَأُ هو بالرمي إليه، ويجب حضورُ الشهودِ، إن ثبت بالبينة، ويبدءون بالرجم، ثم الإمامُ ثم الناس.
لنا: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمر برَجْم ماعز والغامدية، ولم يحضُر، وأيضاً، فإنه لا يُشْترط حضورُهم في إقامة الحدِّ وقطع السرقة، فكذلك في الرجْم.
ومنها: يستحب أن يُستوفَى الحدُّ بمحضر جماعة، قال الله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢] وأقلهم أربعةٌ، وهم عدد شهود الزِّنا.
وعن أحمد: أنه يكفي حضور اثنين.
ومنها: لا يقتل المحصَنُ بالسيف، بل المقصود أن يمثَّل به ويُنَكَّل بالرجم، وليس لما يُرْمَى إليه تقديرٌ لا جنْساً، ولا عدداً وقد تصيب الأحجارُ مَقَاتِلَهُ، فيموت سريعاً، وقد يتباطأ موته، ولا يرمى بصخرة تذَفِّف، ولا يطول [تعذيبه]، بالحصيات