للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لا، وهو المَنْصُوصُ في أكْثَرِ كُتُبِهِ؛ لأنه لم يَلْتَزِمِ الأَحْكَام، فَأشْبَهَ الحَرْبِيَّ.

والثالث: إن شُرِطَ عَليه في العَهْدِ القَطْعُ لو سَرَقَ قُطِعَ، وإلا لم يُقْطَع؛ لأنه إذا عَهِدَ على هذا الشَّرْطِ، فقد الْتَزَمَهُ.

ومنهم من اكْتَفَى في التَّفْصِيل بأن يشترط عليه ألا يَسْرِقَ، ولم يذكر كثير من الأَصْحَاب إلا القولين [الأولين] (١)، ورَجَّحُوا الثاني، والتفصيل حَسَنٌ. هذا هو المَشْهُورُ، ووَرَاءَهُ طَرِيقَانِ:

أحدهما: في كِتَاب القَاضِي ابنِ كَجِّ: أن أَبَا إِسْحَاقَ، وأبا علي الطَّبَرِيَّ قَطَعَا بِنَفْيِ القَطْعِ.

والثاني في "البيان": أن منهم من قَطَعَ بِقَوْلِ التفصيل، ولا خلاف في اسْتِرْدَادِ المَسْرُوقِ إن كان بَاقِياً، وفي التَّغْرِيمِ إن كان تَالِفاً.

ولو سَرَقَ مُسْلِمٌ مَالَ المُعَاهَدِ، قال الإِمام: التفصيل فيه [لهو في المُعَاهَدِ، إذا سرق مَالَ المُسْلِم، إذ يبعد أن يُقْطَعَ المُسْلِمُ بمال المُعَاهَدِ، ولا يقطع المُعَاهَدُ بمال المسلم] (٢). ولوَ زَنَا مَعَاهَدٌ بمُسْلِمَةٍ فطريقان:

أحدهما: أن في حَدِّ الزِّنَا الخِلاَفَ المَذْكُورَ في القَطْعِ.

والثاني: القَطْعُ بالمَنْعِ؛ لأنه مَحْضُ حَقِّ الله -تعالى- لا يَتَعَلَّقُ بخُصُومَةِ الآدَمِيِّ وطَلَبِهِ.

وهذا ما يُوافِقُ إِيرَادَ العِرَاقِيِّينَ وصَاحِبَ (٣) "التهذيب"، وَيجُوُز أن يُعْلَمَ لما أَوْرَدْنَاهُ قوله في الكتاب: "ثم يستوفى قَهْراً" (٤) بالواو. وكذا قوله: "رجم قَهْراً".

"فرع": هل يَنْتَقِضُ "عَهْدُ المُعَاهَدِ" بالسَّرِقَةِ؟

حكى القاضي ابن كَجٍّ عن أبي الحُسَيْن أن فيه وجهين، وعن أبي إسْحَاقَ وغيره أنه إن شرط عليه ألا يَسْرِقَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ إذا سَرَقَ وإلا لم يَنْتَقِضْ.

المسألة الثانية: إذَا حَصَلَ في السَّارِقِ الشَّرْطَانِ: التكليف والالْتِزَامُ، وَجَبَ القَطْعُ من غير فَرْقٍ بين الرَّجُلِ والمرأة، والحُرِّ والعَبْدِ، ولاَ فَرْقَ بين أن يكون العَبْدُ آبِقاً أو غَيْرَ آبِقٍ.


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: في صلب.
(٤) في ز: فهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>