للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي حَنِيْفَةَ أنه لا يُقْطَعَ الآبِقُ؛ بِنَاءً على أن القَضَاءَ على الغَائِبِ لا يجوز وفي القَطْعِ قَضَاةٌ على السَّيِّدِ الغائب.

وقوله في الكتاب: "وشرطه التَّكْلِيف والالْتِزَام"، يُشْعِرُ بِحَصْرِ [الشرط] (١) فيهما، لكن يشترط لِوُجُوب القَطْع في السارق شَرْطٌ ثالث، وهو أن يكون مُخْتاراً، فالمكْرَهُ على السَّرِقَةِ لا قَطْعَ عليه.

وقوله: "رجم قَهْراً"، ليعلم بالواو.

وكذا قوله: "ثلاثة أَقْوال" لِطَرِيقَتَي القَطْعِ والقَاطِع بالتفصيل، قد ينزل النصين (٢) على الحالتين.

قال الغَزَالِيُّ: (النَّظَرُ الثَّانِي مِنَ الكِتَابِ فِي إثْبَاتِ السَّرِقَةِ وَحُجَّتُها) وَتَثْبُتُ بِاليَمِينِ المَرْدُودَةِ، وَيَبْعُدُ إيجَابُ الرَّجْمِ بِاليَمِينِ المَرْدُودَةِ فِي الزِّنَا بِالجَارِيَةِ المَمْلُوكَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد مَرَّ في أَول السَّرِقَةِ [أن] (٣) مَقْصُودَ هذا الطَّرَفِ [بَيَانُ] (٤) ما تَثْبُتُ به السَّرِقَةُ وحكم في الكتاب بأنها تَثْبُتُ بثلاث حُجَجٍ:

إحداها: اليمين المَرْدُودَةُ، فإذا ادَّعَى على إنسان سَرِقَةَ نِصَابٍ يوجب القَطْعَ، وأَنْكَرَ، فإن حَلَفَ فلا غُرْمَ، ولا قَطْعَ.

وإن نَكَلَ تُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِي، فإذا حَلَفَ ثَبَتَ المَالُ، ووجب القَطْعُ أيضاً، كذلك أَوْرَدَهُ صاحب الكتاب، وحَكَاهُ الإِمام عن الأَصْحَاب وكذا أورده إبراهيم المَرْوَزِيُّ في تعليقه، وَوُجِّهَ بأن اليَمِينَ المَرْدُودَةَ كالبَيِّنَةِ أو كإقرارَ المُدَّعَى عَلَيْهِ، والقطع يثبت بالأَمْرَيْنِ، فَأشْبَهَ القِصَاصَ يثبت باليمين المَرْدُودَةِ.

والذي أورده [ابن] (٥) الصَّبَّاغ، وصاحب "البيان"، وغيرهما أنه لا يَثْبُتُ به القَطْعُ؛ لأن القَطْعَ في السَّرِقَةِ حَقٌّ لله تعالَى، فلا يثبت بيمين المُدَّعِي، كما إذا قال: اسْتَكْرَهَ فلان جَارَيتِي على الزِّنَا، فأنكر المُدَّعَى عَلَيْهِ، ونَكَلَ عن اليَمِينِ، فَحَلَفَ المُدَّعِي اليمين المَرْدُودَةَ، يثبت المَهْرُ، ولا يَثْبُتُ حَدُّ الزنا (٦).


(١) في ز: السرقة.
(٢) في ز: النص.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: ببيان.
(٥) سقط في ز.
(٦) قال النووي في زوائده: صحح الرافعي في "المحرر" الأول. والله أعلم.
قال جماعة منهم الأذرعي واللفظ له جزم في الباب الثالث في اليمين في الدعاوى بالثاني. قال: لأن حدود الله تعالى لا تثبت باليمين المردودة. قال -أعني الأذرعي-: وهذا هو المذهب =

<<  <  ج: ص:  >  >>