للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يَنْطَبِقُ لفظ الكتاب، حيث قال: "لأن مَالِكَ الجَارِيةِ لو قال: [كنت] (١) مَلَّكْتُكَ قبل هذا فَكَذَبَ لم يسقط الحَدُّ".

وعلى قياسه ينبغي ألا يَسْقُطَ الحَدُّ إِذَا أَقَرَّ بِوَقْفِ الجارية، وكذب المقر (٢).

وإذا قلنا: لا يقطع حتى يَحْضُرَ الغائب، [فهل] يُحْبَسُ؟ فيه وجوه:

أحدهما: نعم، كما لو أَقَرَّ الغائب أو صَبِيٍّ بالقِصَاصِ يُحْبَسُ.

والثاني: إن قَصُرَتِ المَسَافَةُ، وَتُوُقِّعَ قُدُومُهُ عن [قريب] حُبِسَ، وإلا لم يُحْبَسْ؛ لأن الحَدّ مَبْنِيٌّ على المُسَاهَلَةِ، فلا يُطَالُ له الحَبْسُ.

والثالث: إن كانت العَيْنُ تَالِفَةَ يُحْبَسُ؛ لما عليه من الغُرْمِ، وإن كانت بَاقِيَةً، فَيُؤْخَذُ منه، ثم يُفَرّقُ بين طول المسافة وقصرها ومنهم من أَطْلَقَ في حكاية هذا الوَجْهِ أنه لا يُحْبَسُ إذا أخذت العَيْنُ منه.

ولو أَقَرَّ بِغَصْبِ مَالٍ من غَائِبٍ لا يحبسه الحَاكِمُ، وفرق بينهما بأن الحاكم لا مُطَالَبَةَ (٣) له بمَالِ الغَائِب، وليس موجب الغَصْب إِلا ذلك، والسَّرِقَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا القَطْعُ الذي يملك الحَاكِمُ المُطَالَبَةَ به، حتى لو ماتَ المقرّ له بالغَصْبِ، والوَرَثَةُ أَطْفَالٌ، فللحاكم المُطَالَبَةُ والحَبْسُ.

قال الغَزَالِيُّ: هَذَا فِي الحُرِّ، أَمَّا العَبْدُ إِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ تُوجِبُ القَطْعَ قُطِعَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي المَالِ؟ فِي أَرْبَعَة أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا): أنَّهُ يُقْبَلُ لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَالثَّانِي): لاَ (وَالثَّالِثُ): أنَّهُ يُقْبَلُ إِنْ كَانَ المَسْرُوقُ فِي يَدِهِ فَإِنْ تَلِفَ فَلاَ (وَالرَّابعُ): أنَّهُ يُقْبَلُ عَلَى المُتْلِفِ إِذْ لاَ يَتَعَلَّقُ بِرَقْبَتِهِ إِلاَّ قَدْرُ قِيمَةِ العَبْدِ، وَأَمَّا الأعْيَانُ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِيهِ إضْرَارٌ بِالسَّيِّدِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ لَمْ يُقْبَل في المَالِ عَلَى السَّيِّدِ قَطْعَاً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إقْرَارُ الحر حُجَّةٌ تَثْبُتُ بها السَّرِقَةُ، وَيتَعَلَّقُ بِها القَطْعُ، وَغَرَامَةُ المال. وأما العَبْدُ، فإن أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ توجب القَطْعَ، فيقبل إِقْرَارُهُ في القَطْعِ، خِلافاً لأحمد والمُزَنيِّ على ما ذكرنا في كتاب الإِقْرَارِ.

وفي قَبُولِهِ في المال أَقْوَالٌ:


(١) سقط في ز.
(٢) ليس الوقف كالبيع، فإنه يصح بلا قبول على المختار، والله أعلم ما رجحه النووي هنا من صحة الوقف على معنى من غير قبول مخالف لما صححه في المنهاج من اشتراط القبول والمعتمد ما ذكره الشيخ هنا كما تقدم التنبيه عليه في بابه.
(٣) في أ: يطالبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>