للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرقة. وأقام ما [رآه] وجهًا. فيجوز أن يُعلم لذلك قوله في الكتاب:

"ومن الشوكة أن يعتمد القوة في مطالبة المسافر" بالواو، ولو كانت الرفقة عددًا يتأتى منهم دفع القاصدين، ومقاومتهم، واستسلموا حتى قتلوا، وأخذت أموالهم، فالقاصدون ليسوا بقطاع؛ لأن ما فعلوه لم يصدر عن شوكتهم وقوتهم، بل الرفقة ضيعوا (١). هكذا، أطلقوه. ويجوز أن يُقَال: ليست الشوكة مجرد العدد، والعدة؟ بل يُحتَاج مع ذلك إلى اتفاق كلمة، وواحد مطاع، وعزيمة على القتال، واستعمال السلاح. والقاصدون للرفقة هكذا يكونون في الغالب. والرفقة لا يجتمع لهم كلمة واحدة، ولا [يضبطهم] (٢) مطاع، ولا لهم عزم على قتال، وخلوهم عن هذه الأمور يجرهم إلى التخاذل؛ لا عن قصد منهم [فلا] ينبغي أن يُجْعَلُوا مضيعين ولا أن يخرج القاصدون لهم عن كونهم قُطَّاعًا. ولو أن الرفقة قاتلوهم، وثالث كل طائفة من الأخرى. فهل هم قطاع؟ فيه احتمالان؛ ذكرهما الإمَامُ:

أحدهما: لا؛ لأنه لم يَظْهَرْ منهم غَلَبَةٌ واسْتِيلاَءٌ.

وأظهرهما: نعم، لأنهم (٣) في دَرَجَةِ المُقَاوِمِينَ المُقَاتِلِينَ، والحرب سِجَالٌ (٤) ولو أصابوا رُفْقَةً دون هَؤُلاَءِ في العُدَّةِ لَغَلَبُوهُمْ، [فالرأي] (٥) أن يُجْعَلُوا قَاطِعِينَ، وهذا ما أَجَابَ به في الكتاب، ولا يُشْتَرَطُ فِي قَاطِعِ الطريق الذُّكُورَةُ، بل لو اجتمع نِسْوَةٌ لهن قُوَّةٌ وَشَوْكَةٌ، كُنَّ قَاطِعَاتِ طَرِيقٍ.

وخالف أبو حَنِيْفَةَ فيه، حتى قال: لو كان [في] جَمَاعَةِ القُطَّاعِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ سقط الحَدُّ عن جميعهم. كذا القِيَاسُ على سائر الجَرَائِمِ، ولا يشترط أيضًا شَهْرُ السَّلاَحِ، بل الخارجون بالعِصِيِّ (٦) أو الحِجَارَةِ قُطَّاعٌ، لأنهما آلَاتٌ تَأْتِي عَلى النَفْسِ كالمُحَدّدِ.

وعن أبي حَنِيْفَةَ: أنه لا تكفي العَصَا والحِجَارَةُ، ويشترط شَهْرُ السلاح، وذكر الإِمام أنه يَكْفِي القَهْرُ، وأَخْذُ المال باللَّكزِ والضَّرْبِ (٧) بجميع الكَفِّ وفي "التهذيب" نحو منه، وإيراد جَمَاعَةٍ يُشْعِرُ بأنه لاَ بُدَّ من آلَةٍ، ولا يشترط العَدَدُ أيضًا، بل الوَاحِدُ إذا كَان له فَضْلُ قُوَّةٍ يَغْلِبُ بها الوَاحِدَ والاثنين والثلاثة، وتَعَرَّضَ للنفوس والأموال مُجَاهِرًا (٨) فهو قاطع.

وليعلم لفظ "الذُّكُورَة" و"شَهْر السَّلاَح" في الكتاب بالحاء؛ لما ذكرنا، ويجوز


(١) في ز: صنعوه.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: لأنهما.
(٤) في ز: سنحال.
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: بالعصا.
(٧) في ز: والفر.
(٨) في ز: مجاهدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>