للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِصَاصِ، قُطِعَتْ يَمِينُهُ، ورجله اليسرى حَدًّا، وإلا فَيُقَدَّمُ القِصَاصُ، وتقطع الرِّجْلُ اليسرى عن الحَدِّ، وتقطع بعد القِصَاصِ عن اليمين في الحال، أو تُمْهَلُ إلى الاندمال (١)؟ فيه وجهان:

أصحهما -وهو المَذْكُورُ في الكتاب: أنها تُقْطَعُ بلا إمْهَالٍ؛ لأن المُوَالاَةَ بين العُضْوَيْنِ مستحقة لولا القِصَاصُ، وما يخاف من المُوَالاَةِ لا يختلف بين أن يكون قَطْعُ اليمين عن الحد أيضًا، أو عن القِصَاصِ.

والثاني: يُمْهَلُ إلى الانتقال؛ لأن اليَمِينَ إذا لم تُقْطَعْ حَدًّا، فالمستحق عن جِهَةِ الحَدِّ، قطع الرجل لا غير، فَأَشْبَهَ ما إذا اسْتَحَقَّ طرفان (٢) عن جهتين.

وإن اسْتَحَقَّتْ يَدُهُ اليمنى، والرجل اليسرى بالقِصَاصِ، وقطع الطريق، نظر إن عفا المُسْتَحِقُّ عن القصاص، قُطِعَ العُضْوَانِ عن الحد، وإن اقتصَّ (٣) فيهما سَقَطَ الحد لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ الذي تَعَلَّقَ به، ولو قطع العضوين في قَطْعِ الطريق، وأَخْذِ المال أيضًا، فإن قلنا: الجِرَاحَةُ في قطع الطريق لا تَحتمُ، فالحُكْمُ كما لو قطع العضوين، لا في قَطْعِ الطريق، وقطع الطريق أيضًا.

وإن قلنا بالتَّحَتُّم قطعناهما قِصَاصًا، وسقط الحَدُّ. كذلك ذكر الشيخ أبو حَامِدٍ، وابن الصَّبَّاغِ وغيرهما، وسووا بين أن يقطع العضوان (٤) قبل أَخْذِ المَالِ أو بعده.

وقال الشيخ أبو [إسْحَاقَ] (٥) الشيرازي: إن قلنا بالتَّحَتُّمِ، فإن تَقَدَّمَ أَخْذُ المال، واقتصَّ في العُضْوَيْنِ، سَقَطَ الحَدُّ. وإن تقدم قَطْعُ العُضْوَيْنِ، ثم أخذ المال، فلا يسقط بالقِصَاصِ حَدُّ قَطْعِ الطريق، بل تُقْطَعُ يَدُهُ اليسرى، ورِجْلُهُ اليمنى؛ لأن اليَدَ اليُمْنَى والرجل اليسرى مُسْتَحِقَّانِ بَالقِصَاصِ، وكأنه قطع الطريق، وليس له يَمِينٌ ولا رجل يُسْرَى.

ولو قَطَعَ الرِّجْلَ اليسرى، واليَدَ اليمنى من إِنْسَانٍ، ولزمه القِصَاصُ فيهما، وقطع الطريق بما يوجب قَطْعَ اليَدِ اليمين، والرِّجْلِ اليسرى، فإنْ عَفَا مُسْتَحِقُّ القِصَاصِ، قطعت يَدُهُ اليمنى، ورِجْلُهُ اليسرى حَدًّا، وإلا اقتصَّ منه، ثم أمهِلَ [إلى] (٦) الانْدِمَالِ، ثم يقام عليه الحَدُّ، وإن قَطَعَ اليَدَ اليمنى، والرجل اليسرى في قَطْعِ الطريق أيضًا، فإن قلنا بأن الجِرَاحَاتِ لا تحتمُ، وَعَفَا مُسْتَحِقُّ القصاص، أُقِيمَ عليَه الحَدُّ، وإن طلب القِصَاصَ وقلنا بالتَّحَتُّمِ، فيكون الحكم، كما لو قَطَعَ اليَدَ اليسرى، والرجل اليمنى لا في قَطْعِ الطريق. وقد بَانَ.


(١) في ز: الأبد قال.
(٢) في ز: طرفان من.
(٣) في ز: اقتصر.
(٤) في ز: العضو قتلًا.
(٥) في ز: إسحاق.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>