للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يجب الحَدُّ، كما يحصل [بالإِقْطَارِ،] (١) ويقال: إنه يطرب كالشُّرْبِ. وفي كتاب القاضي ابْنِ كَجٍّ وغيره طَرْدُ الوجهين (٢) في [الإِحْقَانِ،] (٣) وَيتَعَلَّقُ بكون المَشْرُوبِ مُسْكِرًا في جِنْسِهِ صور:

فمنها: أنه يدخل فيه النَّبِيذُ فيجبُ الحَدُّ بِشْرْبِ قليله وكَثِيرِهِ، وقد ذَكَرْنَاهُ مع خِلاَفِ أبي حنيفة -رحمه الله- وَيتَعَلَّقُ [الحَدُّ] (٤) بدُرْديِّ الخمر، والثَّمِين منها إذا أَكَلَهُ (٥) بخبز (٦) وكذا لو ثَرَدَ فيها، وأكل الثَّرِيدَ (٧)، وكذا لو طَبَخَ اللَّحْمِ بها، وأَكَلَ المَرَقَةَ، وإن أَكَلَ اللَّحْم، فلا حَدَّ؛ لأن عين الخمر (٨) لم تَبْقَ فيه، وكذا لوَ عَجَنَ فيه الدَّقِيقَ، وخبز وأَكَلَ الخُبْزَ.

وروى ابن كَجٍّ فيه وَجْهًا آخَرَ، وفي معنى هَذِهِ الصُّوَرِ المَعْجُونُ الذي فيه خَمْرٌ، والظاهر أنه لا حَدَّ فيها لاسْتِهْلاَكِهَا، وعلى هذا قال الإِمَامُ: من شَرِبَ كُوزَ (٩) ماء وقعت فيه قَطَرَاتٌ من الخَمْرِ [، والمَاءُ غالب لِصِفَاتِهِ لم يحدَّ لاِسْتِهْلاَكِ الخَمْرِ فيه].

والثالث: كون الشَّارِبِ مُخْتَارًا، فلو أَوْجَرَ الخَمْرَ قَهْرًا، فلا حَدَّ عليه، وإن أُكْرِهَ حتى شرب، فكذلك الجَوَابُ على المشهور.

وفي كتاب ابن كجّ حِكَايَةُ وجهين فيه.

الرابع: ألاَّ يكون في الشرب ضَرُورَةٌ وقصد به التَّعَرض لمسألتين:

إحداهما: هل يَجُوزُ شُرْبُ الخَمر لِدَفْعِ العَطَشِ إذا لم يَجِدْ غيرها؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، كما يجوز شُرْبُ البَوْلِ والدَّمِ كذلك، ويروى هذا عن أبي حنيفة وهو المَذْكُورُ في الكتاب.

والثاني: ويُنْسَبُ إلى مَالِكٍ وأحمد-: لا يجوز [لعموم النهي و] لأن بعضها يَدْعُو إلى بعض، ولأن الخَمْرَ لا تدفع العَطَشَ، بل تُثِيرُ عَطَشًا عَظِيمًا، وإن فُرِضَ تَسْكِينٌ في الحال. وهذا هو المَنْصُوصُ، وبه قال ابن أبي هُرَيْرَةَ، ورَجَّحَهُ أَكثَرُهُمْ، ولم يُورِدْ صاحب "التهذيب" وجَمَاعَةٌ سواه، والشرب لِدَفْعِ الجُوع، ولِدَفْعِ العَطَشِ. وعن بعض الأصحاب أنه لا يجوز لِدَفْعِ الجُوعِ، وإن جاز لدفع العَطَشِ؛ لأنها تحرق كَبِدَ الجَائِعِ،


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: القولين.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: أقله.
(٦) في ز: تخير.
(٧) في ز: النبيذ.
(٨) في ز: اللحم.
(٩) في ز: كون ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>