للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبره إلى سائِرِ البلاد، فيجب عليهم السّعْي في التدارك، وفي الصورةِ دَليِلٌ على أنه لا يجُوز الإعراضُ [والإهمال] ويجب البحْثُ والمراقَبةُ على ما يليق بالحال.

الثانية: إذا قام بالفْرضِ جَمْعٌ لو قام به بعضُهم يسقط الحَرَجُ عن الباقِينَ، كانوا كلهم مُؤَدِّين للفرض لتساويهم في صلاحية القيام به وشُمُول الحرج للكل لو تعطل ولا مَزِيَّةَ للبعض على البعض. قال الإمامُ: لماذا صلَّى على الميت جمعٌ، ثُمَّ صلى آخرون، فالوجهُ أن يجعَلُهم بمثابة المقاربين الأولين في الصلاة، فإنَّ التنفلَ بصلاة الجنازَةِ، لا نَرَى له أَصلاً في الشَّرْعِ.

قال الغَزَالِيُّ: وَيَسْقُطُ الجِهَادُ بِالعَجْزِ الحِسِّيِّ كَالصِّبَا والجُنُونِ والأنُوثَةِ والمَرَضِ والعَرَجِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى القِتَالِ فَارِساً* وَبِالعَمَى* وَبِالفَقْرِ أَعْنِي العَجْزَ عَنِ السِّلاَحَ والرُّكُوبِ وَنَفَقَةِ الذَّهَاب وَالإِيَابِ كَمَا فِي الحَجِّ* وَلاَ يَسْقُطُ بِالخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ مِنَ المُتَلَصِّصِينَ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ أهَمُّ.

قال الرَّافِعِيّ: قد ذَكَرنا أَنَّ كلامَ القسم في طَرَفَيْن:

أحدُهما: في وُجُوبِ الجهاد.

والثاني: فيما يُسْقِطه ويمنعُ وجوبه، وهذا أول الشروع في الطرف الثاني [وقد يُوجَدُ في بعض النسخ الطرف الثاني] (١) وفي المسقط.

ويسقطُ الجهادُ بالعَجْزِ الحِسِّي، وما يمنع الوجُوبَ ينقسم إلى: مَا يُورِثُ العجز الحسِّي، وإلى ما لا يُورِثُه، ولكن يدفع الوجوب مع القدرة عليه.

فمن القِسْمِ الأول: الصِّغَرُ، فلا يجب الجهادُ على الصبي والمجنون لما روي عن عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: .. "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يفيقَ، وعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتيْقِظَ" (٢).

وعن ابن الزُّبَيْرِ -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَدَّ يَوْمَ بَدْرٍ نَفَراً من أصحابه اسْتَصْغَرَهُمْ (٣).


(١) سقط من: ز.
(٢) تقدم.
(٣) قال الحافظ: قد روى البخاري عن البراء بن عازب قال: استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وروى الحاكم في المستدرك من حديث سعد بن أبي وقاص: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض جيشاً، فرد عمير بن أبي وقاص فبكى، فأجازه، وروي في مناقب سعد بن خيثمة أنه استصغر هو وزيد بن حارثة يوم بدر، وروى الحاكم والبيهقيُّ أنه رد أيضًا أبا سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وفي ابن ماجة أنه رد ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>