للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه: الأُنُوثَة، فالنِّسَاء يضعفْنَ ويعجَزْنَ عنْ القتال غالبًا، وقد رُوِيَ عن عائشةَ -رضي الله عنها- أنها سألت رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- هل على النساء جِهادٌ؟ قال: "نَعَمْ، جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيه، الحَجُّ والعُمْرَةُ" (١) وفيه إشعارٌ بأنّه ليس عليهن ما فيه شَوْكٌ وهو السلاَحُ، ويجوزُ للإمام أنْ يأْذَن للنساء، والمراهقين في الخروج، وأن يَسْتَصْحبهم لسقْي الماء، ومُدَاوَاةِ الجرحَى، ولمعالجة الجرحى، ولا يأْذَنُ للمَجانِين بحالٍ، ولا يجبُ الجِهَادُ على الخُنْثَى المشْكِلِ، لاحتمال أُنُوثَتِه.

ومنه: المَرضُ، فلا جهادَ على المرِيض الذي يمنعُه مرضُه من القتال، والركُوبِ على الدابة، وكذا لو لم يمكنه القتالُ إلا بمشقة شديدة ولا اعتبار بالصُّدَاعِ، والحُمَّى الخفِيفَةِ، ووجع الضِّرْسِ، ونحوها ومنه: العَرَجُ، فلا جهادَ على المقْعَدِ العَاجِزِ عن المشْي والركوب وإن قَدَرَ على الركوب، وبه عَرَجٌ بَيِّنٌ، فكذلك لا يجب عليه الجهادُ، وإن كان يقدِرُ على الركوب وعنده دوابٌّ؛ لأن الدَّابَة قد تهلَكُ أو تنقطع ولا يمكنه الفِرَارُ منه.

وفيه وجهٌ: أن عليه الجهاد رَاكباً؛ لأن العَرَجَ لا يؤثر في حَقٍّ الرَّاكبِ، والظاهِرُ الأول، ولا فَرْق بين أن يكون العرجُ في رجْلٍ واحدة أو في الرجْلَيْن معًا.

وعن أَبِي حَنِيْفَةَ، أنه لا أَثر للعَرَج في رِجْلٍ واحدةٍ، ولا أثر للعرج اليَسِيرِ الذي لا يمنع من المَشْي ومكافحة العدو ولا جهاد على الأقطع والأشل [لأنه لا يَتمكَّنُ من الضَّرْبِ؛ ولا من الاتِّقَاءِ] (٢) وفاقد مُعْظَم الأصابع كَالأَقْطَعِ، ومَفْقُود ما دون المِعْصم كالسليم.

ومنه: العَمَى، فلا جِهاد على الأَعْمى؛ لعجزه، ويجب على الأعْور، والأَعْشى، والضَّعِيف البصر، إذا كان يُدْرك الشخْصَ، ويمكنه أن يتَّقي السلاح، وفي بَابِ الجهادِ ورَدَ قولُه تعالى في سورة الفتح: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} الآية [النور: ٦١].

ومنه: الفَقْر فالذي يَعْجزُ عن السَّلاح، وأسباب القتال، لا يُكلَّفُ القتالَ، ويشترط أن يجد ما يُنْفق من طريقه ذَهَاباً وإِيَاباً، وَلا يُقَالُ: إنَّ سفرَ الغزوِ، وسفرُ الموتِ فلا يشترطُ نفقة الإياب؛ لأنَّ الإيسارَ يجد ثقة نفسه بالبقاء غالبًا ولو لم يكن معه أُهْبةُ الرجوع -انكسر نشاطه، وبطل أمره.


(١) رواه ابن ماجة [٢٩٠١] والبيهقي [٤/ ٣٥٠] من حديثها بلفظ: لا قتال فيه، وأصله في صحيح البخاري، وفسر الرافعي قوله: لا شوك فيه -يعني لا سلاح فيه- وغلط في عزو هذا المتن إلى عائشة، وإنما هو من حديث الحسين بن علي، كذا رواه الطبراني [٢٩١٠] في الكبير من حديثه، قال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني جبان، وإني ضعيف، فقال: هلم في جهاد لا شوك فيه، الحديث.
(٢) سقط من: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>