للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَظْهَرُ أنه لا مَنْعَ لهما؛ لأنه بِالامْتِناع عن ذلك قد يَنْقَطِعُ عن مَعَاشِه، ويضطرِبُ عليه أَمْرُه، والأَبُ الكافِرُ كالمسلم في هذه الأَسْفَارِ، بخلاف ما سبق في سَفَرِ الجهادِ، ولا فَرْقَ بين الحُرِّ والرَّقِيقِ في أَصَحِّ الوجهَيْن؛ لشمولِ مَعْنى البِرِّ والشفقة (١).

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ بَلَغَ كِتَابُ الوالِدَيْنِ أَوْ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ بِالرُّجُوعِ عَنِ الإِذْنِ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ فَلْيَنْصَرِفْ إِنْ قَدَرَ وإِلاَّ فَلْيَقُمْ فِي قَرْيَةٍ* وَإِنْ كَانَ فِي القِتَالِ وَجَبَ الانْصِرَافُ عَلَى وَجْهٍ إِنْ لَمْ يَخَفْ وَهَن المُسْلمِينَ* وَلاَ يَجِبُ فِي وَجْهٍ* وَيُتَخَيَّرُ فِي وَجْهٍ* وَالصَّحِيحُ أَنَّ العِلْمَ وَفُرُوضَ الكِفَايَةِ لا تَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ وَإِنْ أَنِسَ المُتَعَلِّمُ الرُّشْدَ مِنْ نَفْسِهِ* وَفِي صَلاَةِ الجَنَازَةِ خِلاَفٌ* وَالجِهَادُ إِنَّمَا يَحْرُمُ فِيهِ النُّزُوعُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّخْذِيلِ* هَذَا كُلُّهُ فِي قِتالِ نَفَرٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ* فَإِنْ وَطِئَ الكُفَّارُ دَارَ المُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ عَلَى مَنْ لَهُ مُنَّةُ قِتَالِهِمْ حَتَّى العَبْدِ وَالمَرْأَةِ* وَانْحَلَّ الحَجْرُ عَنِ العَبْدِ إِنْ لَمْ يُسْتَغْنَ عَنْهُ* وَإِنِ اسْتُغْنِيَ وَلَكِنْ فِيهِمْ زِيَادَةُ قُوَّةٍ فَفِي الوُجُوبِ وَجْهَانِ* وَلَوْ خَرَجَ قَوْمٌ فِيهِمْ كِفَايَةٌ فَفِي وُجُوبِ المُسَاعَدَةِ عَلَى الآخَرِينَ وَجْهَانِ* وَإِنْ كَانُوا فَوْقَ مَسَافَةِ القَصْرِ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ* وَلاَ يُشْتَرَطُ المَرْكُوبُ فِيمَنْ دُونَ مَسَافَةِ القَصْرِ* وَفِيمَنْ وَراءَهُ وَجْهانِ* وَهَلْ يَنْزِلُ نُزُولَهُمْ فِي مَوَاتِ دارِ الإِسْلاَمِ وَأَسْرِهِمْ مُسْلِماً أَوْ مُسْلِمِينَ فِي تَعْيِينِ الوُجُوبِ مَنْزِلَةَ دُخُولِهِمْ البلاَدَ؟ فِيهِ وَجُهَانِ.

قال الرَّافِعِيُّ: مقصودُ الفَصْلِ الكلامُ فيما إِذا خرج مُجَاهِداً ثم عرض مَانِعٌ، وضم إليه ما يناسِبُه، وفيه مَسْأَلَتان:

إِحْدَاهُمَا: مَنْ خرج للجهاد بإِذْن رَبِّ الدَّين، أو الوالدين، ثم رجعوا عَنِ الإذْنِ، أو كان الأَبَوانِ كافِرَيْن، فخرج ثُمَّ أَسْلَمَا ولم يَأْذَنَا، وعلم المجاهِدُ بالحال، فإنْ لم يشرع في القِتَالِ، ولم يحْضَرِ الوقْعَة بَعْدُ -فعليهِ الانْصِرافُ إلاَّ إِذَا كان يخاف على نفسِهِ أو مَالِه، وألحق به ما إذا كان يخافُ من انصرافه انكساراً على المسلمين، فيعذر في المضي، وإِنْ لم يمكنه الانصرافُ للخوف، ولكن أَمْكَن أن يُقِيم في قرية في الطَّرِيق إلى أَنْ يَرْجِعَ جنودُ المسلِمينَ، لزمه أَنْ يُقيم؛ لأن غَرَضَ الرَّاجِعِين عن الإذْنِ ألاَّ يقاتل، فأوهم في "الوَسِيطِ" خلافاً في وُجُوبِ الإقامة هناك، وقد يوجَّهُ بما يناله مِنْ وحشة مفارقة، وِإبْطَالِ أُهْبة الجهاد عليه.


(١) قال الشيخ البلقيني: جزم الماوردي في الحاوي بمقابل الصحيح وهو أنه لا يحتاج إلى إذن الرقيق ثم محل استئذان الأبوين إذا كان الولد حراً، فلو كان رقيقاً وهما حران، قال الماوردي: فإذن السيد هو المغلب نعم لو كان بعض الولد حراً وبعضه رقيقاً فلا بد من الاجتماع على الإذن. ذكره الماوردي أيضاً. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>