للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا، وبه قال أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ؛ لأن الساهي معذور، فيشرع له سبيل الاستدراك ومن تعمد الترك فقد التزم النقصان، وفوت الفضيلة على نفسه.

وأصحهما: نعم؛ لأن الخلل عند تعمد الترك أكثر، فيكون الجبر أهم، وصار كالحلق في الإحرام لا فرق فيه بين العمد والسهو.

وأما الأبعاض من السنن فلا يجبر بالسجود، خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: يسجد لترك تكبيرات العيد، وترك السورة، وكذلك لو أسر في موضع الجهر، أو جهر بثلاث آيات في موضع الإسرار.

ولمالك حيث قال: يسجد لترك كل مسنون ذِكْراً كان أو عملاً، وعن أبي إسحاق أن للشافعي -رضي الله عنه- في القديم قولاً مثل ذلك، حكاه ابن الصباغ، قال: وهو مرجوع عنه، وحكى ابن يونس القزويني (١) عن عبد الباقي (٢) أن الداركي (٣) ذكر وجهاً فيمن نسي التسبيح في الركوع والسجود أنه يسجد للسهو.

وعند أحمد: لا يسجد لترك تكبيرات العيد والسورة، وعنه في تبديل الجهر بالإسرار وعكسه روايتان:

أصحهما: أنه لا يسجد، وقال في تكبيرات الانتقالات، وتسبيح الركوع، والسجود، والتسميع، والتحميد: يسجد لتركها.

لنا ظاهر ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ سَهْوِ إِلاَّ فِي قِيَامٍ عَنْ جُلُوسٍ، أَوْ جُلُوسٍ عَنْ قِيَامٍ" (٤).


(١) قال الأسنوي في طبقاته (٩٢٦) لم أقف للمذكرر على ترجمة.
(٢) أبو محمد عبد الله بن محمد الباقي الخوارزمي، صحابي الداركي قال الشيخ أبو إسحاق "كان فقيهاً" أديباً شاعراً مترسلاً كريماً درس ببغداد بعد الداركي، ومات بها سنة ثمان وتسعين وثلثمائة انتهى. زاد ابن الصلاح في طبقاته، أن وفاته كانت في المحرم وأن الشيخ أبا حامد صلى عليه، والباقي منسوب إلى باف بالياء الموحدة إحدى قرى خوارزم، الأنساب (٢/ ٤٧)، طبقات الشيرازي ص ١٢٣، اللباب (١/ ٩٠).
(٣) أبو القاسم، عبد العزيز عبد الله بن محمد الداركي. درس بنيسابور سنين، ثم سكن بغداد وانتهت إليه رئاسة العلم بها، وتفقه على أبي إسحاق المروزي، وقال الشيخ أبو حامد: ما رأيت أفقه منه، وكان أبوه محدث أصبهان في وقته. توفي ببغداد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال وقيل: من ذي القعدة سنة خمس وسبعين وثلثمائة، ودفن يوم الجمعة بالشونيزية وهم ابن نيف وسبعين سنة. ودارَك: بفتح الراء من قرى أصبهان، طبقات الشيرازي ص ١١٧، طبقات العبادي ص ١٠٠، تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٢٨٣).
(٤) أخرجه الدارقطني (١/ ٣٧٧) والحاكم (١/ ٣٢٤) والبيهقي (٢/ ٢٤٤ - ٣٤٥) وقال البيهقي تفرد به أبو بكر العنسي وهو مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>