للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسكر، واحْتاجُوا إلى نَقْلِ الزَّادِ والعَلَفِ فهو مَرْدُودٌ لِلّضَّرَرِ، ولا يُشْتَرَطُ لانْعِقَادِ الأَمَان ظُهُور المَصْلَحَةِ، بل يَكْفِي عَدَمُ المَضَرَّةِ، والله أعلمُ.

قال الغَزَالِيُّ: وَحُكْمُهُ إِذَا انْعَقَدَ كَفَفْنَا عَنْهُ وَعَمَّا مَعَهُ مِنْ أهْلِ وَمَالٍ إِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الأَمَانِ* وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَمَّنْتُكَ فَفِي سِرَايَتِهِ إِلَى الأَهْلِ وَالمَالِ الَّذِي مَعَهُ وَجْهَانِ* وَفي عَقْدِ الأَمَانِ لِلْمَرْأَةِ مَقْصُودًا لِلْعِصْمَةِ عَنِ الاسْتِرْقَاقِ وَجْهَانِ لأنَّهُ تَابعٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: إذَا انْعَقَدَ الأَمَانُ، صارَ المُؤَمَّنُ مَعْصُوماً عن القَتْلِ والسَّبْيِ، ولو قَتَلَهُ قَاتِلٌ. قال الإِمَامُ: الوَجْهُ عنْدَنَا القَطْعُ بأنَّهُ يضمن بما يضمن به الذِّمِّيُّ، ومن حكمه اللُّزُومُ من جهة المُسْلِمِينَ، فلا يَجُوزُ للإمام نَبْذُهُ؟ نَعَمْ، إنْ استشعر منه خِيَانَة نَبَذَ أَمَانَهُ؛ لأنَّ المُهَادَنَةَ تُنْبَذْ بذلك، فأمان الآحَادِ أَوْلَى وهو جائز من جهة الكُفَّارِ ينبذونُه متى شَاؤوا ولا يتعدّى الأَمَان إلى ما خَلَّفَهُ في دَارِ الحَرْبِ من الأهلِ والمالِ، فَأَمَّا ما معه منهما فَإِنْ وَقَعَ التَّعَرُّض له اتبع الشرط، وإلاَّ فَوَجْهَانِ، أطلَقهما في "النهاية" وَرجَّحَ المَنْعَ؛ لقُصُورِ اللفظ، وفي هذا مزيد نُورِدُهُ في خاتمة الكِتَابِ، وفي جَوَازِ عَقْدِ الأَمَانِ لِلْمَرْأةِ اسْتِقْلاَلاً وجهان:

وجه المنع: أن تَحْصِينَهَا بالأَمَانِ يتبع أَمَانَ الرجالِ، فلا تنفرد بالعَقْدِ، فهذا (١) ما أراد بِقَوْلِهِ في الكتاب: "لأنَّهُ تابع" وعن القاضي الحُسَيْنِ بناؤهما على القولين، فيما إذا انْتَهَى الإِمَامُ إلى حِصْنٍ لَيْسَ فيه إلا النِّسَاءُ، وطَلَبْنَ الصُّلْحَ على مَالٍ، أو بَذَلْنَ الجِزْيَةَ لئلا يُسْتَرْقَقْن، فإنْ قبل يَسْقُطُ اسْتِرْقَاقهُنَّ ببَذْلِ المَالِ، فَكَذَلِكَ الأَمان، وكانَ ذِكْرُ هذه في أَوَّل البابِ عند ذِكْرِ من يُؤَمّنُ أَوْلَى.

قال الغَزَالِيُّ: وَالأَسِيرُ إِذَا أُمِّنَ مِنْ أَسْرِهِ فَهُوَ فاسِدٌ لِأَنَّهُ كَالمُكْرَهِ* وَلَوْ أُمِّنَ غَيْرُهُ فَوَجْهَانِ* وَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَم غَيْرَهُ* فَلَوْ أَمَّنَهُمْ وَأَمَّنُوهُ بِشَرْطِ أَلاَّ يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ لَزِمَهُ الخُرُوجُ مَهْمَا قَدَرَ وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ وَالعتَاقِ وَالأَيْمَانِ المُغَلَّظَةِ، لَكِنْ يُكَفِّرُ، وَدَعْهُ يَقَعُ طَلاَقُهُ وَعِتَاقهُ، فَلاَ رُخْصَةَ فِي المُقَامِ حَيْثُ يبْذلُ المُسْلِمُ وَلَكِنْ عِنْدَ الخُرُوجِ لاَ يَغْتَالُهم إِنْ أَمَّنَهُمْ* وَلَوِ اتَّبَعَهُ قَوْمٌ فَلَهُ دَفْعُهُمْ وَقَتْلهُمْ دُوْنَ غَيْرِهِمْ* وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ الرُّجُوعَ لَمْ يَلْزَمْهُ (و) * وَلَوْ شَرَطَ إِنْفَاذُ مَالٍ لَمْ يَلزَمْهُ* وَإِنْ كَانَ قَدِ اشْتَرَى مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَزَمَهُ الثَّمَنُ لَزِمَهُ إِنْفَاذُهُ* وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الشِّرَاءِ فعَلَيْهِ رَدُّ العَيْنِ* وَعَلَى القَدِيم يَتَخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ العَيْنِ أَوِ الثَّمَنِ إِذْ يَقِفُ العَقْدُ* وَالكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ وَقَدْ لَزِمَتهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارِ لَمْ تَسْقُطْ بِإسْلاَمِهِ* وَفيهِ وَجْهٌ.


(١) في ز: وهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>