العسكر، واحْتاجُوا إلى نَقْلِ الزَّادِ والعَلَفِ فهو مَرْدُودٌ لِلّضَّرَرِ، ولا يُشْتَرَطُ لانْعِقَادِ الأَمَان ظُهُور المَصْلَحَةِ، بل يَكْفِي عَدَمُ المَضَرَّةِ، والله أعلمُ.
قال الرَّافِعِيُّ: إذَا انْعَقَدَ الأَمَانُ، صارَ المُؤَمَّنُ مَعْصُوماً عن القَتْلِ والسَّبْيِ، ولو قَتَلَهُ قَاتِلٌ. قال الإِمَامُ: الوَجْهُ عنْدَنَا القَطْعُ بأنَّهُ يضمن بما يضمن به الذِّمِّيُّ، ومن حكمه اللُّزُومُ من جهة المُسْلِمِينَ، فلا يَجُوزُ للإمام نَبْذُهُ؟ نَعَمْ، إنْ استشعر منه خِيَانَة نَبَذَ أَمَانَهُ؛ لأنَّ المُهَادَنَةَ تُنْبَذْ بذلك، فأمان الآحَادِ أَوْلَى وهو جائز من جهة الكُفَّارِ ينبذونُه متى شَاؤوا ولا يتعدّى الأَمَان إلى ما خَلَّفَهُ في دَارِ الحَرْبِ من الأهلِ والمالِ، فَأَمَّا ما معه منهما فَإِنْ وَقَعَ التَّعَرُّض له اتبع الشرط، وإلاَّ فَوَجْهَانِ، أطلَقهما في "النهاية" وَرجَّحَ المَنْعَ؛ لقُصُورِ اللفظ، وفي هذا مزيد نُورِدُهُ في خاتمة الكِتَابِ، وفي جَوَازِ عَقْدِ الأَمَانِ لِلْمَرْأةِ اسْتِقْلاَلاً وجهان:
وجه المنع: أن تَحْصِينَهَا بالأَمَانِ يتبع أَمَانَ الرجالِ، فلا تنفرد بالعَقْدِ، فهذا (١) ما أراد بِقَوْلِهِ في الكتاب: "لأنَّهُ تابع" وعن القاضي الحُسَيْنِ بناؤهما على القولين، فيما إذا انْتَهَى الإِمَامُ إلى حِصْنٍ لَيْسَ فيه إلا النِّسَاءُ، وطَلَبْنَ الصُّلْحَ على مَالٍ، أو بَذَلْنَ الجِزْيَةَ لئلا يُسْتَرْقَقْن، فإنْ قبل يَسْقُطُ اسْتِرْقَاقهُنَّ ببَذْلِ المَالِ، فَكَذَلِكَ الأَمان، وكانَ ذِكْرُ هذه في أَوَّل البابِ عند ذِكْرِ من يُؤَمّنُ أَوْلَى.