للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُرْتَدِّ (١)، وغَيْرِ أَهْلِ الكتاب من الكُفَّارِ، وَيحِلُّ ذَبِيحَةُ الكتابي على ما قَالَ تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة:٥] ولا فَرْقَ بين ما يَسْتَحِلُّونَهُ وبين غيرِهِ.

وعن مالك: أنه لا يَحلُّ من ذَبَائِحهم ما لا يَستَحِلُّونَهُ كالإِبِلِ، والقَوْلُ فيما يُعْتبر في الكتابي لتحل ذَبِيحَتُهُ على ما مَرَّ في جَوَازِ المُنَاكَحَةِ، وفي التقرير بالجِزْيَةِ، وفي المُتَوَلِّدِ بين الكافر والمَجُوسِيِّ قولان، كالقولين في جَوَازِ مُنَاكَحَتِهِ، وقد ذكرنَا حال القولين في "كتاب النِّكَاح"، وفي جواز المُنَاكَحَةِ، وحِلِّ الذبيحة يجريان مَجْرَى وَاحِدٍ لا يفترقان، [إلا أن الأمة الكتابية تحلُّ ذبيحتها، ولا تحل مُنَاكَحَتُهَا، والفرق أن لكل] (٢) وَاحدٍ من الرِّقِّ والكُفْر أثرًا في المَنْعِ من النكاحِ، فإذا انْضَمَّ أَحَدُهما إلى الآخر، جاز أنْ يَتَقَوَّى المانع ويزداد الامْتِنَاعُ، ولاَ أَثَر للرِّقِّ في الذَّبِيحَةِ، وحَكَى الإِمَامُ تَفْرِيعاً على إلحاق هذا المُتَوَلِّدِ بالَوَثَنِيِّ وجهين فيما إذا بَلَغَ وَدَانَ بدِينِ أَهْلِ الكتاب، هل يُحكَمُ له يُحْكَمُ أَهْلِ الكتابِ؟

والأصحُ؛ المَنْعُ، ويجوزُ أن يُعَلَّمَ من لفظ الكتاب. قولُهُ: "التحريم"، وقوْلُهُ: "النظر إلى الأب" كلاهما بالحَاءِ عند أبي حنيفة، يحلُّ ذَبِيحَةُ المُتَوَلِّدِ، سواء كانَ أبوه كتَابيّاً، أو أَمَّهُ كَتَابِيَّةً. ولو اصْطَادَ مَجُوسِيٌّ سَمَكَةً، فهي حلالٌ؛ لأنَّهُ لا اعْتِبَار بِفِعْلِهِ، ومَيْتَةُ هذا الحَيَوَانِ حَلاَلٌ.

وكما تحرم ذَبِيحَةُ المَجُوسِيِّ، ومن في معناه يُحَرَّمُ ما قَتَلَهُ من الصُّيُودِ بالرَّمْيِ، وإرْسَالِ الكَلْبِ، وكما يُحَرَّمُ ما انْفَرَدَ المَجُوسِيُّ بذَبْحِهِ واصْطِيَادِهِ، يُحَرَّمُ ما اشترك فيه المُسْلِمُ والمَجُوسِيُّ تَغْلِيباً للحريم، فلو أمَرَّ السَّكينَ على حَلْقِ الشَّاةِ، أو قطع هذا بعض الحُلْقُومِ، وهذا بَعْضُهُ فهو حَرَامٌ.

وكذا لو رَمَيَا سَهْماً إلى الصَّيْدِ، أو أرْسَلاَ كَلْباً، فقَتَلَهُ.

ولو رَمَيَا سَهمَينِ، أو أَرْسَلاَ كَلْبَيْنِ، نُظِرَ إن سَبَقَ سَهْمُ المسلمِ، أو كَلْبُهُ، فَقَتَلَ الصَّيْدَ أو أَنْهَاهُ إلى حَرَكَةِ المَذْبُوحِ، فهو حَلاَلٌ، ولا يَقْدَحُ فيها ما وُجِدَ من المَجُوسِيِّ، كما لو ذَبَحَ مُسْلِمُ شَاةً، ثم قَدَّهَا المَجُوسِيُّ بنصفين، ولو كَانَ الأَمر بالعكس، فهو حَرَامٌ وكذا لو جَرَحَاهُ معاً أو على ترتيب، ولم يُذفِّفْ واحدٌ منهما، وهَلَكَ بهما.

وفي "البحر" أَنَّهُمَا مهما اشْتَرَكَا في إِمْسَاكِهِ وعَقْرِهِ، أو في أحد الأمرين، وانفرد الآخرُ بالثاني، أو انفرد أَحَدُهُمَا بأحدهما، والآخرُ بالآخرِ، فالحكم التَّحْرِيمُ.


(١) في ز: والمزندق.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>